التعادل الإيجابي يحسم مواجهة العروبة مع الفيحاء في دوري روشن للمحترفين    هيئة الأدب والنشر والترجمة تدشن جناح المملكة في معرض مسقط الدولي للكتاب 2025    الهند تطرد مواطني باكستان من أراضيها وتغلق المعابر الحدودية معها    هيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية توقع مذكرة تفاهم    بوتين: على روسيا استغلال الحرب التجارية لتعزيز الاقتصاد    "سعود الطبية" تسجّل قصة إنقاذ استثنائية لمريض توقف قلبه 30 دقيقة    ريال مدريد يفتقد جهود كامافينجا حتى نهاية الموسم    "الربيعة" يُدشّن محطة توليد أكسجين في مستشفى الطاهر صفر بتونس    أمانة الشرقية توقع مذكرة تفاهم مع جمعية ترابط لخدمة المرضى والمجتمع    وزير الثقافة يلتقي نظيره الكوستاريكي في جدة    تنمية جازان تشارك في مهرجان الحريد ال21 بجزيرة فرسان    الصندوق الثقافي يشارك في مهرجان بكين السينمائي الدولي    هالة الشمس تتوهج في سماء عسير وترسم منظرًا بديعًا    السياحة تشدّد على منع الحجز والتسكين في مكة المكرمة لحاملي جميع التأشيرات باستثناء تأشيرة الحج ابتداءً من 1 ذي القعدة    رحلة "بنج" تمتد من الرياض وصولاً إلى الشرقية    بناءً على توجيهات ولي العهد..دعم توسعات جامعة الفيصل المستقبلية لتكون ضمن المشاريع الوطنية في الرياض    المملكة والبيئة.. من الوعي إلى الإنجاز في خدمة كوكب الأرض    الطيران المدني تُصدر تصنيف مقدِّمي خدمات النقل الجوي والمطارات لشهر مارس الماضي    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى مجددًا    صدور موافقة خادم الحرمين على منح ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثانية ل 102 مواطنٍ ومقيمٍ لتبرعهم بالدم 50 مرة    ختام مسابقة القرآن الوزارية بالمسجد الحرام    رالي جميل 2025 ينطلق رسمياً من الأردن    1024 فعالية في مهرجان الشارقة القرائي    تصفيات كرة الطاولة لغرب آسيا في ضيافة السعودية    لبنان.. الانتخابات البلدية في الجنوب والنبطية 24 مايو    الشرع: لا تهديد من أراضينا وواشنطن مطالبة برفع العقوبات    الرجيب يحتفل بزواج «إبراهيم وعبدالعزيز»    المالكي يحصد الماجستير    تكريم متقاعدي المختبر في جدة    ملك الأردن يصل جدة    خارطة طموحة للاستدامة.."أرامكو": صفقات محلية وعالمية في صناعة وتسويق الطاقة    الجدعان مؤكداً خلال "الطاولة المستديرة" بواشنطن: المملكة بيئة محفزة للمستثمرين وشراكة القطاع الخاص    جامعة الفيصل تحتفي بتخريج طلاب "الدراسات العليا"    ناقش مع الدوسري تعزيز الخطاب الإعلامي المسؤول .. أمير المدينة: مهتمون بتبني مشاريع إعلامية تنموية تبرز تطور المنطقة    فصول مبكرة من الثقافة والترفيه.. قصة راديو وتلفزيون أرامكو    أكدا على أهمية العمل البرلماني المشترك .. رئيس «الشورى»ونائبه يبحثان تعزيز العلاقات مع قطر وألمانيا    منصة توفّر خدمات الإبلاغ عن الأوقاف المجهولة والنظار المخالفين    أعادت الإثارة إلى منافسات الجولف العالمي: أرامكو.. شراكة إستراتيجية مع فريق آستون مارتن للسباقات    النصر يستضيف بطولة المربع الذهبي لكرة السلة للرجال والسيدات    جائزة محمد بن صالح بن سلطان تنظم ملتقى خدمات ذوي الإعاقة    غرامة (50,000) ريال والسجن للمتأخرين عن الإبلاغ عمن انتهت تأشيرتهم    الجائزة تحمل رسالة عظيمة    حماية العلامات التجارية في السعودية    وادي حنيفة.. تنمية مستدامة    إطلاق 33 كائنًا فطريًا في محمية الملك خالد    تَذكُّرُ النِّعم    لا مواقع لأئمة الحرمين والخطباء في التواصل الاجتماعي    من يلو إلى روشن.. نيوم يكتب التاريخ    منجزاتنا ضد النسيان    التصلب الحدبي.. فهم واحتواء    نحو فتاة واعية بدينها، معتزة بوطنها: لقاء تربوي وطني لفرع الإفتاء بجازان في مؤسسة رعاية الفتيات    كشمير: تعزيزات أمنية واسعة ومطاردة منفذي هجوم بيساران        أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج الدفعة ال55 من طلاب وطالبات جامعة الملك فهد للبترول والمعادن    بعد أن يرحل الحريد.. ماذا تبقى من المهرجان؟ وماذا ينتظر فرسان؟    بخبرة وكفاءة.. أطباء دله نمار ينقذون حياة سيدة خمسينية بعد توقف مفاجئ للقلب    الأمير محمد بن ناصر يرعى انطلاق ملتقى "المواطَنة الواعية" بتعليم جازان    موجبات الولادة القيصرية وعلاقتها بالحكم الروماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

أوصى فضلية إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي ،المسلمين بتقوَاه سبحانه جل في علاه، فهي العِزُّ والفوزُ والنجاةُ، ما خابَ مَن استمسك بها، وما أفلَحَ من تركها، مستشهداً بقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: "خلق الله تعالى بني آدم، وحثَّهم على عمارة الأرض وإصلاحها: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾، وهذه العمارةُ، تشمل كلَّ ما فيه نفعٌ وفائدة، للعباد والبلاد، من الزراعة والصناعة، والتشييد والبناء، والأخذِ بأسباب التحصن والقوة، فقد هَيَّأَ سبحانه لعباده، ما يلزم لعمارة أرضه، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، وسخر لهم فرص الفوز والفلاح، فالموفق، من يبادر إليها، ويجدّ ويجتهد في اغتنامها، فينفع نفسه، ويعمُر وطنه، ويعلي شأن أمته.
وأوضح أن الفرصة قد تكون قربة وطاعة، أو عمل خير يتعدى نفعه إلى غيره، أو مشاركة في بناء وطن وتنمية، وقد تكون منصبا رفيعا، أو جاهاً كريما، يسخّره صاحبه لنفع بلاده ومجتمعه، والإسلام وأهله.
وبيّن فضيلته أن صاحب الهمة العالية، من يصنع لنفسه الفرص، ولا ينتظرها تطرق بابه، بل يبادر في تحصيلها، سواء كان ذلك في أمر الدنيا أو الآخرة، وفي مصنف ابن أبي شيبة، قال ابن مسعود رضي الله عنه: " إِنِّي لَأَمْقُتُ الرَّجُلَ أَنْ أَرَاهُ فَارِغًا، لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا وَلَا عَمَلِ الْآخِرَة ".
وقال الدكتور المعيقلي: لقد أثنى الله تعالى على أنبيائه ورسله فقال: ﴿إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ ﴾. أي: يبادرون إلي الخيرات، ولا يتركون فضيلة يقدرون عليها، إلا انتهزوا الفرصة فيها فهذا نبيُّ الله موسى عليه السلام، لما اطمئن قلبه بكلام رب الأرباب، وأن الذي يخاطبه هو مسبب الأسباب، اغتنم عليه السلام الفرصة، قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾، فاستجاب له ربه، في قوله جل وعلا: ﴿ قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسى ﴾.
وتناول الشيخ المعيقلي في هذا الصدد قصة النبي زكريا عليه السلام مع السيدة مريم عليها السلام، إذ دخل عليها وهي منقطعة للعبادة، لا كسب لها ولا تجارة، قال سبحانه وتعالى:﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾، فلما رآى آثار فضل الله ورحمته، اغتنم عليه السلام الفرصة، فدعا الله تعالى بأن يرزقه الولد الصالح، فالذي رزق مريم بغير سبب، قادر على أن يهب للشيخ الكبير الولد، وجاء ذلك في قوله تعالى: ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾.
وتطرق فضيلته لموقف ثالث وصفه بالعجيب، لنبي الله سليمان عليه السلام، لما ألهته الخيل الجياد، عن ذكره لربه وصلاة المساء، ندم على ما مضى منه، وتقرب إلى الله تعالى بما ألهاه عن ذكره، فأمر عليه السلام بعقرها، والتصدق بلحمها، واغتنم فرصة الندم والتوبة، ونفحات المغفرة والرحمة، فاستغفر ربه في قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾، فجاءت الاستجابة من الله العلي القدير، وعوضه سبحانه خيراً مما تركه، مستشهداً فضيلته بقول الله تعالى: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾.
// يتبع //
15:34ت م
0048
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة أولى
وأردف الدكتور المعيقلي قائلاً: وأما نبينا صلوات ربي وسلامه عليه، فقد كان مثالاً يُحتذى به، في اغتنام الفرص، وحين قدم إلى المدينة، وأتيحت له الفرصة، بادر بتقسيم الأعمال، ومكّن أصحاب المواهب، وَهَيَّأَ لهم الفرص، فبلال، لرفع الأذان، وخالد بن الوليد، لنصرة الدين بالسنان، وأما نصرة الدين بالشعر والبيان، فكان النصيب الأكبر فيه لحسان رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم، ومر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوما بسوق المدينة، والناس مشغولون ببيعهم وشرائهم، فأراد أن يذكرهم بقيمة الدنيا، وأن لا تلهيهم تجارتهم عن تجارة الآخرة، فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ - أي صغير الأذنين -، فاغتنم صلى الله عليه وسلم الفرصة، فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ورفع صوته يزاود على بيعه، فَقَالَ: (( أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟ )) فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: (( أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟ ))، قَالُوا: وَاللهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، كَانَ عَيْبًا فِيهِ، لِأَنَّهُ أَسَكُّ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟ فَقَالَ: ((فَوَ اللهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ، مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ ))، رواه مسلم وفي مسند الإمام أحمد، لما صعد ابْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه على شجرة، يجتني سواكا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ، فَجَعَلَتِ الرِّيحُ تَكْفَؤُهُ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( مِمَّ تَضْحَكُونَ؟ )) قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ، فَقَالَ: (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ ))، فاغتنم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفرصة، ليبين للأمة، أن الناس يوم القيامة، لا يتفاضلون بأشكالهم وأحجامهم، وإنما بصلاح قلوبهم وأعمالهم، فالله جل جلاله، لا ينظر إلى الصور والألوان والأشكال، ولكن ينظر إلى القلوب والأعمال، وفي الصحيحين، أن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَقَالَ: اقْرَءُوا: ﴿ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنًا ﴾ )).
ولفت فضيلته الانتباه إلى بعض المواقف التي ينبغي الحرص على اغتنام الفرص فيها، ما جاء في الصحيحين، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، لما ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن سبعين ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: (( اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ ))، ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: (( سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ )).
وقال المعيقلي: تأمَّل أخي المسلم، كيف بادر عكَّاشة رضي الله عنه وأرضاه، واغتنم هذه الفرصة، ففي لحظة واحدة، فاز بدخول الجنَّة، من غير حساب ولا عذاب.
وبين أن كل فرصة في الخير مغنم، مهما صغر حجمها، وقل وزنها، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد، فبكلمة طيبة، ولا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، وفي صحيح مسلم: أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ، فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ )).
وأكد فضيلته أن هناك فرصا لا يمكن تعويضها؛ فمن هذه الفرص العظيمة، وجود الوالدين، فالوالد، أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فحافظ على الباب أو ضيّع، وفي صحيح مسلم، أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ ))، قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (( مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا، فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ ))،
وأوضح الشيخ ماهر المعيقلي أن وجود الانسان في الحياة، هو أعظم فرصة، فإن كان عمل صالحا ازداد، وإن كان غير ذلك تاب وعاد، وفي مستدرك الحاكم بسند صحيح، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ ))، وكلما كان المرء جادا في حياته، مترفعا عن نزواته وشهواته، اغتنم الفرصة وتقدم على غيره، ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾.
ولفت فضيلته إلى أن من فضل الله تعالى علينا، أن جعل الفرص قائمة، حتى آخر ساعة، ففي مسند الإمام أحمد، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ )) .
ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام الى اغتنام الفرصة قبل فواتها، وتذكر بأن الفرص نعمة، والنعم إذا ذهبت ربما لا ترجع، قال ابنُ القَيِّم رحمه الله: َاللَّهُ سُبْحَانَهُ، يُعَاقِبُ مَنْ فَتَحَ لَهُ بَابًا مِنَ الْخَيْرِ فَلَمْ يَنْتَهِزْهُ، بِأَنْ يَحُولَ بَيْنَ قَلْبِهِ وَإِرَادَتِهِ، فَلَا يُمْكِنُهُ بَعْدُ مِنْ إِرَادَتِهِ، عُقُوبَةً لَهُ". ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾، فمن آثَرَ عجزه وكسله، وفوّت الفرص على نفسه، ندم في وقت لا ينفعه فيه الندم، ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي ﴾.
// يتبع //
15:34ت م
0049
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي/ إضافة ثانية واخيرة
تحدث امام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان في خطبة الجمعة اليوم عن رزق الله ,موصيا فضيلته المسلمين بتقوى الله عز وجل فيما امر والكف عن ما نهى عنه وزجر.
وقال فضيلته: لقد قدر الله المقادير وكتب الآجال وقسم الأرزاق وكتب على كل أحد حظه من السعادة والشقاء ونصيبه من النعم والسراء والبأساء والضراء, فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط, وكل شيء بقدر وقضاء, كتب الله أرزاق بني آدم وهم في عالم الأرحام ,فاذا أتم الأنسان في بطن أمه أربعة أشهر بعث الله إليه ملكًا موكلًا بالأرحام فينفخ فيه الروح بإذن الله ويكتب أجله وعمله ورزقه وشقي أو سعيد , عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلماتٍ: بكَتْبِ رزقه وأجله وعمله، وشقي أو سعيدٌ(,فالرزق مقسوم وكل شيء بقضاء واجل معلوم ,فاجملوا في الطلب واستعينوا على الكسب ,أحسنوا الظن بالله فسوء الظن مذموم لاينفع والله عند حسن ظن العبد به.
وذكّر فضيلته بأن الله هو المعطي وهو الرزاق ويداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وخزائنه لا تنفذ ويمينه ملئا, فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله عزوجل أنه قال: ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أُطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليلِ والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي إِنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجرِ قلب واحد منكم ما نقص من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني ، فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عِبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) رواه مسلم.
وقال فضيلته : إن الله قد تكفل بالأرزاق مستشهدا بقوله تعالى(وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ? كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ), فيرزق الجنين في بطن أمه والحيات في البحر والحياة في الوكر, وما خلق الله خلق فضيعهم ولو فر عبد من رزقه لادركه (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ )، مشيراً إلى امتحان الله لعبده بالرزق فيبسط فيه ليحمد ويشكر ويضيق فيه ابتلاء لانسيانا وعجزا وحينها يلزم الصبر,فمن نزلت به فاقه فانزلها بغير الله لم تسد فاقته ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن ويتصبر يصبره الله,فالصبر على الفاقه واللأواء والغلاء والبلاء مطلب شرعي واجب وامر ضروري, وقد عاتب الله عزوجل في ذلك فقال: (فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ).
وذكر إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين بأن تقوى الله عزوجل هي خير مغنم للعبد وهي المخرج من كل ضيق ونكد لقوله تعالى(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ), مبينًا فضيلته أن تقوى الله مفاتح خزائن السماء والأرض ,وما عند الله لا ينال بمعصيته، مستشهدًا بقوله تعالى(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.