أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد, المسلمين بتقوى الله عز وجل وعدم التكلف وقال : من التكلف التكلم بغير علم، ومنازعة المرء من فوقه، والتطلع إلى مالا ينال، والدخول فيما لا يعني ، ومن دخل فيما لا يعني حرم الصدق ولقي مالا يُرْضيْ ، ومن علامة إعراض الله عن العبد أن يشغله فيما لا يعنيه. وأوضح في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم : أن اختلاف المسلم مع صاحبه لا يبيح عرضه، ولا يُحل غِيْبتَه، ولا يُجيز قطيعته، حيث قالت العقلاء: إن الآراء للعَرْض لا للفَرْض، ووجهات النظر للإعلام لا للإلزام وفرّْق الحكماء بين أدب الخلاف، وخلاف الأدب، فالسعيد من كان غنيا بقناعته، كبيراً بتواضعه، عظيما بحسن أخلاقه، مستشهدا بقوله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}. وبين فضيلته أن هناك داء عضال، وخطر داهم، يقضي على معاني الإنسانية، داء يصيب الفرد، والأمة، والمجتمع، داء حينما يستفحل ويتفشى، فإنه يفتك في الناس فتكا داء إذا ذر قرنه فإنه لا يفرق بين متعلم وغير متعلم، ومتحضر وغير متحضر، ومتدين وغير متدين، هو أحد مصادر الغرور، ومنابع الظلم، وأسباب الكراهية، وطرق الفساد والإفساد وقال : ذلكم هو التعصب، والعصبية، وكل ذلك دعوى الجاهلية، وحمية الجاهلية فالتعصب غلو وتطرف، وكراهية وفرقة، وضلال، وشحناء و انقياد عاطفي مقيت لتصورات، ومفاهيم، ومسالك تتعارض مع الحق والعدل، والموضوعية. وأفاد فضيلته أن التعصب حماس أعمى، ومشاعر جارفة، وأحكام مسبقة، واستهانة بالآخرين وخضوع مطلق، وسير من غير بصيرة مع الجماعة، أو الفئة، أو الحزب، أو القبيلة، أو الطائفة، أو العرق كما أن التعصب غلو في التعلق بالأشخاص، والتمسك بالأفكار، والإصرار على المبادئ ، لا يدع مكانا للتسامح، ولا مجالاً للتفاهم، ولا فرصة للقبول . وأكد الشيخ ابن حميد, أن التعصب ينطلق من تصورات مسبقة في تصنيف الناس والمجتمعات إلى فئات دينية، وعرقية، ومذهبية، وقبلية، وسياسية، وفكرية، ومناطقية، ورياضية، وغيرها وحقيقية التعصب : عدم قبول الحق ممن جاء به مع ظهور دليله، بسبب ما في النفس من أغراض، وأهواء، وانحياز وهو دفاع بالباطل حينما يرى المتعصب أنه هو الذي على الحق دائماً بلا حجة، ولا برهان، وغيره هو المخطئ دائماً، وهو الذي على الباطل ولو كان معه الحجة والبرهان ، ورأى أن العناد، والانغلاق، والتحجر، وعدم التوافق، ورفض التعايش، كلها أنواع من التعصب وكلها تُمدُّ صاحبها بأسباب الكراهية والشحناء، وتفوت فرص الاجتماع والتآلف، وحل المشكلات، والبناء، والتعاون والتعصب لا يجتمع مع التسامح، والانفتاح، وقبول الاخر . وقال فضيلته : إن التعصب والعصبية داء فتاك يقود إلى اللجاجة، والتقليد الأعمى، ويولد حجابا غليظا يصد عن قبول الحق، وقبول الجديد المفيد, ويجعل القبيح حسنا، ويقلبُ الحسن قبيحا، وقد قال بعض الحكماء: "التعصب عدو مستتر، لم يدرك كثير من الناس خطورته الماحقة، وآثاره المدمرة" والعصبية نعرة مهلكة، تنمو في النفس البشرية في البيئة التي تحتضنها يتربى عليها الصغير، ويهرم فيها الكبير، رجالا ونساء، تمزق العلاقات الاجتماعية، وتسلب روح الوحدة والألفة، وتنشر بذور النفاق والفرقة، وتبدد الطاقات، وتضعف القوى، وتهدم البناء فهل رأيت أعظم من متعصب يرى شرار قومه خيراً من خيار الآخرين، مشيرا إلى أن التعصب يورث التمييز، والانحياز، والتصنيف ويبني حجابا كثيفاً على العقل والبصر، ويمنع من إدراك الحق وابتغائه، والتمييز بين المصلحة والمفسدة . // يتبع // 17:00ت م 0087
عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة أولى واستعرض إمام وخطيب المسجد الحرام , مظاهر التعصب منها: احتقار الآخرين، وتنقصهم، وعدم الاعتراف بأحقيتهم وحقوقهم وتقديم الولاءات على الكفاءات وقد يظهر التعصب في سوء القول والتعبير ، وقد يترقى إلى تجنب التعامل مع من يتعصب ضده، ثم يترقى هذا المتعصب إلى أن يمنع جماعته وفئته من التعامل مع هذا المخالف، وقد يترقى إلى الاعتداء عليه، و يصل إلى قتله والتخلص منه عياذا بالله, لافتا إلى ما أثارته النعرات العصبية حيث أدى التعصب في درجاته المتشددة إلى التمييز، والتصنيف، والعدوان، والقتل ، والتشريد، والتهجير، والنفي التعصب يقود إلى التشويه، وإساءة التفسير، وتجاهل الحقائق والوقائع . وأكد فضيلته أن أضرار التعصب وخسائره ومساوئه قد سودت صحائف التاريخ، فكم واجه الأنبياء عليهم السلام والمصلحون من عوائق في طريق هداية الناس وإصلاح البشرية، وقائد ذلك ورائده التعصب وبسبب التعصب، سفكت الدماء، وضاعت الحقوق، وفشا الظلم وهدرت طاقات الأمة بل هو من أعظم معوقات التنمية فإذا دخلت العصبية خطط التنمية فقل على أهلها السلام، مشيرا إلى أن بعض الناس يسلك مسلك التعصب لإشباع غروره، أو لستر نقص في نفسه، أو خبراته، أو قدراته، أو تسويغ فشله. وقال الشيخ ابن حميد: إن تشخيص الداء، والكشف عن المرض هو السبيل الأقوم والطريق الأنجع للعلاج، ومحاصرِة أثار المرض السلبية في المجتمع وفي الحياة ومن أجل هذا فلا بد من النظر في أسباب ظهور التعصب ومثيرات العصبية حيث يأتي في مقدمة هذه الأسباب التربية والتنشئة الاجتماعية، فمن نشأ في بيئة تغذي العصبية، فإنها تنتج متعصبين، مما ينتج عنه الظلم، والتطاول، والفجور في الخصومة، والإقصاء فالإنسان لا يولد متعصبا ولكنه يأخذ ذلك بالتقليد والتلقي والتربية ومن ذلك غياب القيم والأخلاق من العدل ، والإنصاف ، والتجرد ، والمساواة ، مما يولد العدوانية ، والكراهية ، والانكفاء إلى الفئات والانحياز إلى الجماعات ومن ذلك الغلو في الأشخاص من العلماء، والمشايخ، والكبراء، ورؤساء المجتمع . ورأى أن من أعظم الأسباب وأكبرها إثارة الخلافات المذهبية، والنعرات القبلية، والتمايزات الاقليمية والمناطقية، ومن ثم تثار معها مشاعر الأحقاد والكراهية، وبخاصة حينما يجترون أحداثا تاريخية سالفة عفى عليها الزمن لم تكن في وقتها مما يُحمد أو يُشرِّف، فكيف وقد دفنها الزمن، ويريد هؤلاء غير الحكماء، أو المغرضون المفسدون إحياءها واثارتها بل يريدون إسقاط الحاضر على ذلك الماضي غير المجيد، وأضاف وهذا المسلك المنحرف يستنزف القوى، ويهدر الطاقات، ويفرق الأمة، ويشتت الأهداف، ولا ينتج إلا عصبية مقيتة، وتوجهات متطرفة، ومسالك موغلة في الغلو، فيحرمون المجتمع من أن يجتمع على مودة، ورحمة، وأُخوَّة ومن هنا تذهب ريح الأمة، وتستباح بيضتها، وتفتح الأبواب مشرعة للأعداء، يدخلون عليها من كل باب، طعنا في الدين، وغمطا للمكانة، ونهبا للخيرات، وتقطيعا للأوصال . ولفت فضيلته النظر, إلى أن بعض القنوات الفضائية وأدوات التواصل الاجتماعي تتبنى مثل هذا بقصد، أو بغير قصد في طروحات، وتغريدات، ومن خلالها تثور الخلافات المذهبية، والعصبية القبلية، والتمايزات المناطقية، والفتن الحزبية وهؤلاء جميعاً - مع الأسف- لا ينقصهم إرث تاريخي يؤجج مثل هذا بل إن الإعلام المشبوه هذه بضاعته، وهؤلاء جنوده. وأوضح فضيلته أن أعظم وسائل العلاج تربية الأجيال في مناهج التربية على التسامح، وحفظ حقوق جميع الناس واحترامهم وسن الأنظمة التي تحول دون التعصب، ووضع سياسات واضحة لمحاربة مختلف أشكال التمييز، والتصنيف, وتحقيق العدل وحفظ الحقوق مع التنبيه لعظم دور الأسرة، والمدرسة، والمسجد، والإعلام بكل أدواته، ووضع الخطط في ذلك. وأشار إلى أن من أكبر وسائل العلاج تحرى الحق، والتسليم له، والسعي إليه وقبوله ممن جاء به فالإنسان مسؤول بنفسه عن نفسه، يقدمه ما اكتسب من خير، ويؤخره ما اكتسب من شر فحسب، ويرفعه لباس التقوى ذلك خير . وقال إمام وخطيب المسجد الحرام في خطبته, إنه ليس من العصبية أن يحب الرجل قومه ووطنه، فالتعصب غير الانتساب للقبيلة وغير الانتماء للمذهب وغير حب الوطن، فهذه سنة الله في خلقه، إذ جعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا، وحبب إليهم أوطانهم وديارهم. ولكن العصبية التعصب للباطل، وغمط الحق، والانحراف عن العدل، والإقرار على الظلم والإعانة عليه، والمفاخرة به من أجل القبيلة، أو المذهب، أو الفكر، أو المبدأ، أو التراب فما نقلت الخرافات والعادات السيئة والتقاليد المذمومة إلا بسبب العصبية، والتعلق المذموم بالآباء والأجداد وكلما تلاشت العصبية من الفرد والجماعة، تعامل الناس بحكمة، وعقل، وعدل، وهدوء، ورحمة، وديانة صحيحة وبنبذ العصبية سوف يزول كثير من أسباب الخلاف والنزاع، ويعيش المجتمع بطمأنينة، ومحبة، وأخوة والمجتمعات تنهض على دعائم الخير والصلاح والتقوى، لا على مزاعم الانتفاخ الأجوف، والعصبية العمياء . // يتبع // 17:00ت م 0088
عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي/ إضافة ثانية واخيرة وفي المدينةالمنورة أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخفي خطبة الجمعة اليوم, المسلمين بتقوى الله، وقال فضيلته: إن الإيمان بأسماء الله الحسنى وصفاته أحد أقسام التوحيد وهو من مقتضيات الإيمان بالله تعالى, وإن العلم بها ومعرفتها والتعبد بها له منزلة عظمى ومكانة كبرى, وإن الإيمان يكون وفق ما نطقت به النصوص الشرعية من غير تحريف ولا تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل فهو ليس كمثله في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله فهو الكامل الكمال المطلق في أوصافه وأسمائه وأفعاله قال جل في علاه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. وأبرز فضيلته فضل الدعاء بأسماء الله وصفاته فهي الأساس في عبادته تعالى، قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى? فَادْعُوهُ بِهَا ? وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ? سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فقوله تعالى: ((فادعوه بها)) شامل لدعاء العبادة ودعاء المسألة. وبين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن الحاجة ماسة إلى إفراغ القلوب من كل شيء سواه, وأن الإنسان يشعر في هذه الحياة بحالات يكون فيها الخطر عظيماً فلا يجد مفراً من اللجوء إلى الله تعالى, وأن من صفاته جل وعلا اللطيف الذي يهيئ الأسباب بكامل اللطف وتمام الخفاء وذو الكرم المتناهي، قال تعالى {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ}. ومضى فضيلته قائلاً: إن على المسلم اللجوء إلى الله تعالى روى أهل السنن عن عبدالله بن بريدة عن أبيه سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يَدْعُو وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، قَالَ: فَقَالَ: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَي )). وختم فضيلته قائلاً: إن الضرورة ملحة أن يتشبع قلب المسلم بتدبر معاني الأسماء والصفات فإن ذلك يثمر بعجائب الإيمان وكمال اليقين فلا ينزل حاجاته إلا بالله وحده قال الله تعالى {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} .