أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد المسلمين بتقوى الله وشكره على ما أنَعَّم به علينا من نِعم لا تعد ولا تحصى، وقال في مستهل خطبته: معاشر المسلمين داء عضال، وخطر داهم، يقضي على معاني الإنسانية، داء يصيب الفرد والأمة والمجتمع، داء حينما يستفحل ويتفشى، فإنه يفتك في الناس فتكاً، داء إذا ذر قرنه فإنه لا يفرق بين متعلم وغير متعلم، ومتحضر وغير متحضر، ومتدين وغير متدين، هو أحد مصادر الغرور، ومنابع الظلم، وأسباب الكراهية، وطرق الفساد والإفساد، ذلكم يا عباد الله هو التعصب والعصبية، وكل ذلك دعوى الجاهلية، وحمية الجاهلية، والتعصب غلو وتطرف، وكراهية وفرقة، وضلال، وشحناء، انقياد عاطفي مقيت لتصورات، ومفاهيم، ومسالك تتعارض مع الحق والعدل والموضوعية، التعصب حماس أعمى، ومشاعر جارفة، وأحكام مسبقة، واستهانة بالآخرين. وأضاف: التعصب خضوع مطلق، وسير من غير بصيرة مع الجماعة، أو الفئة، أو الحزب، أو القبيلة، أو الطائفة، أو العرق، التعصب غلو في التعلق بالأشخاص، والتمسك بالأفكار، والإصرار على المبادئ، لا يدع مكاناً للتسامح، ولا مجالاً للتفاهم، ولا فرصة للقبول. وبيّن أن للتعصب مظاهر منها احتقار الآخرين، وتنقصهم، وعدم الاعتراف بأحقيتهم وحقوقهم، ومن أظهر مظاهر التعصب تقديم الولاءات على الكفاءات، وقد يظهر في سوء القول والتعبير، وقد يترقى إلى تجنب التعامل مع من يتعصب ضده، ثم يترقى هذا المتعصب إلى أن يمنع جماعته وفئته من التعامل مع هذا المخالف، وقد يترقى إلى الاعتداء عليه، وقد يصل إلى قتله والتخلص منه -عياذاً بالله-. وأوضح أنه لابد من النظر في أسباب ظهور التعصب، يأتي في مقدمة هذه الأسباب التربية والتنشئة الاجتماعية، فمن نشأ في بيئة تغذي العصبية، فإنها تنتج متعصبين، مما ينتج عنه الظلم والتطاول، والفجور في الخصومة، والإقصاء، فالإنسان لا يولد متعصباً ولكنه يأخذ ذلك بالتقليد والتلقي والتربية، ومن ذلك غياب القيم والأخلاق من العدل والإنصاف والتجرد والمساواة، مما يولد العدوانية، والكراهية، والانكفاء إلى الفئات والانحياز إلى الجماعات. وذكر أن بعض القنوات الفضائية وأدوات التواصل الاجتماعي تتبنى مثل هذا بقصد، أو بغير قصد في طروحات، وتغريدات، ومن خلالها تثور الخلافات المذهبية، والعصبية القبلية، والتمايزات المناطقية، والفتن الحزبية، وهؤلاء جميعاً لا ينقصهم إرث تاريخي يؤجج مثل هذا، بل إن الإعلام المشبوه هذه بضاعته، وهؤلاء جنوده. وكشف أن أعظم وسائل العلاج تربية الأجيال في مناهج التربية على التسامح، وحفظ حقوق جميع الناس واحترامهم، ومن أهم وسائل العلاج سن الأنظمة التي تحول دون التعصب، ووضع سياسات واضحة لمحاربة مختلف أشكال التمييز والتصنيف، وتحقيق العدل وحفظ الحقوق، مع التنبيه لعظم دور الأسرة ، والمدرسة، والمسجد، والإعلام بكل أدواته، ووضع الخطط في ذلك، كذلك من أكبر وسائل العلاج تحرى الحق، والتسليم له، والسعي إليه وقبوله ممن جاء به. Your browser does not support the video tag.