يشهد ميقات ذي الحليفة بالمدينةالمنورة خلال هذه الليالي العشر من شهر رمضان المبارك إقبالاً كبيراً وحركة كثيفة من ضيوف الرحمن زوار مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم الذين ينوون العمرة والتوجهه للمسجد الحرام بمكةالمكرمة. ولهذا الميقات تاريخ إسلامي عريق حيث يُسمى أيضاً بمسجد (الشجرة) لأنه مبني في موضع الشجرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم ينزل تحتها, كما يرجع مسمى ذي الحليفة لوقوعه في منطقة ذي الحليفة (تصغير حليفة) بفتح الحاء وكسر اللام وهو اسم لماء بين بني جشم بن بكر من هوزان وبين بني خفاجة رهط توبة, وتسمى الآن بآبار علي, ويقال له أيضاً مسجد الميقات لأنه ميقات أهل المدينة ومن يمر بها للحج والعمرة. وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في موضع هذا المسجد كما روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من طريق الشجرة ويدخل في طريق المعرس وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى مكة يُصلي في مسجد الشجرة, وإذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي وبات حتى يصبح,وقال ابن سعد في ذكر حجة الوداع: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة مغتسلاً متدهناً مترجلاً متجرداً في ثوبين صحاريين إزاء ورداء وذلك يوم السبت لخمس ليال بقين من ذي العقدة فصلى الظهر بذي الحليفة ركعتين. ويقع مسجد الميقات على الجانب الغربي من وادي العقيق, ويبعد عن المسجد النبوي الشريف قرابة أربعة عشر كيلو متراً, وبُني المسجد في عهد عمر بن عبد العزيز عندما كان والي إمارة المدينةالمنورة عام 87 ه, وجُدد في العصر العباسي, ثم جدد في العصر العثماني في عهد السلطان محمد الرابع عام 1058ه, وكان المسجد صغيراً جداً ومبنياً من اللبن والحجارة ولم يكن يتسع للحجاج والمعتمرون في المواسم, وقد أمر الملك فيصل (يرحمه الله) بتجديده وتوسعته آنذاك . ومع زيادة أعداد الحجاج والمعتمرين أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز (يرحمه الله) بمضاعفة حجمه عدة أضعاف, وتزويده بالمرافق اللازمة, فأصبح المسجد محطة متكاملة للمسافرين, تبلغ مساحته الكلية بالساحات المحيطة به حوالي (90,000م2) فقد بُني على شكل مربع يتكون من مجموعتين من الأروقة تفصل بينهما ساحة واسعة مساحتها ألف متر وله أقواس تنتهي بقباب طويلة يبلغ ارتفاعها عن الأرض 16 متراً ويتسع المسجد ل 5000 مصل وله مئذنة متميزة على شكل سلم حلزوني ارتفاعها 62 متراً . وتتصل بالمسجد مباني الإحرام والوضوء كما بني من جهته الشرقية سوق لتأمين حاجات الحجاج وأنشئت في الجهة الغربية منه مواقف سيارات وحديقة فسيحة ذات أشجار ونخيل منحت الموقع لمسة جمالية رائعة.