يحلق الشعراء بعد أيام قلائل في أفق سوق عكاظ الشاسع الفسيح ، تتابعهم الجماهير الملهمة المعجبة بإبداعهم وهم يصنعون من الحروف أثوابا مطرزة جميلة ، يصطف كل عام حول أماسي الشعراء ودواوينهم وينصت الجميع لهم، إذ أن وهج القصيد يختلف وصوت الشاعر ولونه ومفرداته تختلف أمام جمهور عكاظ. وصف الشاعر محمد يعقوب تلك الحالة بقوله " سوق عكاظ يمتلك مقومات نجاحه بذاته فهو يحمل حيزاً تاريخياً في ذاكرة كل شاعرٍ عربي ، علينا فقط أن نفعّل هذه المقومات التاريخية إلى برامج وأنشطة تنمو وتتراكم وليست لمجرّد برامج وأنشطة وقتية وموسمية تذهب أدراج الرياح بانتهاء فترة المهرجان ". وأضاف أنّ الوقوف على منصة سوق عكاظ له هيبته الخاصة في قلب الشعراء العرب ، والإلقاء من على هذه المنصة يحفر عميقاً في تجربة كل شاعرٍ عربي. وتابع يعقوب قائلا " ميّزت الكلمة العرب من البدء .. وكان الشعر ولا زال ، مدوّنة العرب الكبرى التي يدونون عليها تاريخهم وخلجات أرواحهم ، انتصاراتهم وأوجاعهم ، ولقد كان سوق عكاظ أحد المنصّات التي أنشد الشعر على غيماتها شعراء العرب الأول من مثل الأعشى وحسّان بن ثابت والخنساء وعمرو بن كلثوم وغيرهم ، وكان قسّ بن ساعده يلقي خطبه من على منصّة سوق عكاظ " . ويحتضن سوق عكاظ العرب من كل مكان، ويمثل حركة حضارية ثرية ، لذلك فإنّ فكرة إحياء سوق عكاظ من جديد هي فكرة حضارية بامتياز تتكئ على إرثٍ عميقٍ وتتطلع إلى آفاقٍ مستقبلية أرحب في ظلّ كل المتغيرات الحديثة ، وهذا ما يجعل العمل أصعب والتحدّي أكبر ". ويشهد الجميع السنة التاسعة من هذا العمل الوطنيّ الثقافيّ السياحي الذي تتبنّاه الدولة من خلال مؤسسات حكومية متعددة من إمارة منطقة مكةالمكرمة إلى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ، مرورا بوزارة الثقافة والإعلام وانتهاءً بوزارة التعليم ، ليدلّ دلالة واضحة أن هذا المشروع ولد ليستمر واستمر ليتطور . وقال الشاعر محمد الخضري إنه أوان الشعر حيث سيعود لمكانه الطبيعي وموقعه المؤثر على الساحة الثقافية بعد أن ظُلم كثيراً بجعله شعر المناسبات والاحتفالات الرسمية فقط . // يتبع // 15:42 ت م تغريد