استأنف المشاركون في الدورة 22 للمجمع الفقهي الإسلامي جلستهم الخامسة اليوم، التي عُقدت برئاسة سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي ، رئيس مجلس المجمع الفقهي الإسلامي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ، بحضور معالي الأمين العام للرابطة الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي ، والأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي الدكتور صالح بن زابن المرزوقي ، وأعضاء المجمع المشاركين في الدورة ، وذلك بمقر الرابطة بمكةالمكرمة . ونُوقش خلال الجلسة الموضوع الخامس من موضوعات الدورة بعنوان " رفض الإحرام بالنسك بعد الدخول فيه حكمه وآثاره " ، تناول الأعضاء في هذا البحث , مذاهب علماء الإسلام في الموضوع , والمسائل المرتبطة بها ، منها أن رفض الإحرام بالحج أو بالعمرة لغير عذر لا يجوز, ولا يرتفع به الإحرام ولا يحصل به التحلل, ولم يوجد مخالفا في ذلك إلا ما عزاه بعض المالكية خاصة لداوود الظاهري, ولم يذكروا له دليلا , ونقل بعض العلماء الإجماع على ما ذكر, وعضدوه بالأدلة وان من رفض الإحرام ثم استمر في نسكه لا شيء عليه, فلا بطلان ولا دم, لأن نية الرفض لا تأثير لها وإذا استمر الرافض لإحرامه في ذلك وصار يفعل ما يفعله الحلال فهو عاص بذلك, وإحرامه باق عليه ولو دام سنين حتى يتحلل بما يقع به التحلل شرعا. كما توصل الأعضاء خلال الجلسة إلى أنه إذا استمر الرافض في تركه حتى فاته الحج بفوات الوقوف طبقت عليه أحكام الفوات, فعليه أن يتحلل بعمل عمرة ويقضي الحج وفي الهدي خلاف, وإذا لم يفعل حتى جاء الحج من قبل ولم يفسد حجه بجماع أتمه, هو صحيح, والعمرة لا تفوت لأنها ليس لها وقت. وإذا أفسد حجه أو عمرته بجماع طبقت عليه أحكام الفساد, فيجب عليه التمادي حتى يتم, وعليه القضاء وفي الكفارة خلاف, وقال داوود وابن حزم لا ويحصل له التحلل بالفساد ولا قضاء عليه إلا إذا كان ما أفسده نسك, يتماد فرض وهذا هو أوسع مذهب يمكن أن يستفيد منه رافض الإحرام إذا أفسد نسكه, وحكي هذا الرأي عن ربيعة وعطاء و إذا اعتقد الرافض أنه صار حلال برفض الإحرام فأصبح يفعل محرمات أنه يلزمه بكل فعل فعله ما الإحرام ففي ما يلزمه خلاف, فالمذهب الحنبلي يترتب عليه من هدي أو فدية أو جزاء, والحنفية يرون أن عليه هديا واحدا لذلك كله, والمالكية توسطوا بينهما, فقالوا عليه فدية واحدة لجميع ما فعل من موجبات الفدية, وعليه هدي واحد في جميع ما فعل من وطء النساء, ولكن عليه لكل صيد صاده جزاء, فقالوا بتعدد الجزاء, ولم يقولوا بتعدد غيره. وفى السياق نفسه تحدث العارضون عن رفض النسك وهو ترك مشاعره وعدم إتمامها, وقد يكون الرفض قبل الوقوف بعرفه أو بعده في الحج, وقبل الطواف أو بعده في العمرة, وفي كل هذه الحالات لا ير نقض الإحرام, فهو لغو لا يعتد به لا سيما إن كان المكلف يجهل هذا الأمر فإذا دخل المحرم في النسك فلا يجوز له أن يخرج منه حتى وإن جهل الحكم وعليه إتمام النسك ، أما إن تعمد ذلك مع قدرته على الإتمام ، فقد عصى الله ورسوله وعليه التوبة وإتمام النسك ، وإن لم يتمكن المكلف من الاستمرار في إحرامه فحكمه حكم المحصر بحسب ما ألم به من عوائق والضرورة تقدر بقدرها. وفي ختام الجلسة لخص الأعضاء أبرز النتائج في هذا الموضوع ومن أبرزها رفض الإحرام هو نية الخروج من النسك حجا كان أو عمرة بعد التلبس به, وهو بمعنى نقضه وقطعه وفسخه والتحلل منه ومن أحرم بحج أو بعمرة فرضا كانا أم نفلا فليس له أن يحل حتى يتمهما وإتمامهما من تعظيم شعائر الله تعالى ، وأن من أحصر بعدو أو غيره فله التحلل بعدما يذبح هديا ويحلق رأسه . وأشار الأعضاء خلال الجلسة إلى اختلاف العلماء في وجوب قضاء ذلك النسك الذي أحصر عنه والراجح أنه يستحب قضاؤه ولا يجب, وإذا عجز عن الهدي فلا يجب عليه صيام في أرجح قولي الفقهاء ومن تمكن من دخول مكة ولم يستطع الوصول لعرفة فإنه محصر وله التحلل بفسخ نية الحج, وجعله عمرة, والإتيان بأفعال العمرة ولا هدي عليه في أرجح أقوال الفقهاء ، وإن عرض للحاج عارض كمرض ونحوه فأحصر بعد الوقوف بعرفة فإن حجه صحيح لكن ليس له التحلل حتى يأتي بما بقي عليه من أركان أو واجبات, أو يجبر الواجبات بدم . ومن النتائج التي توصل لها الأعضاء في الجلسة كذلك اتفاق أهل العلم على عدم جواز قطع الإحرام ابتداء بغير عذر, كما اتفقوا على أنه إذا شرط التحلل بلا عذر بأن قال في إحرامه متى شئت خرجت منه ونحو ذلك فلا يجوز له التحلل كما ذهب عامة أهل العلم إلى أن الإحرام لا يرتفض برفضه وأنه باق ولا ينقطع بمجرد نية قطعه ما لم يشترط فإن اشترط فيما له فيه غرض صحيح فله أن يتحلل من إحرامه كما أن التحلل من الحج لا يحصل إلا بأحد ثلاثة أشياء كمال أفعاله, أو التحلل عند الحصر, أو بالعذر إذا شرط, وما عدا هذا فليس له أن يتحلل به ، فإن نوى التحلل لم يحل, ولا يفسد الإحرام برفضه, ويكون الإحرام باقيا في حقه, تلزمه أحكامه, ويلزمه جزاء عن كل محظور ارتكبه عالما عامدا ، ومن رفض إحرامه جاهلا ومعتقدا أنه يسعه فسخ إحرامه والإتيان بهذا النسك مستقبلا فإن إحرامه لا يرتفض برفضه ولا ينفسخ بنية التحلل والفسخ .