أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه داعيا إلى الاهتمام بالتفكر والإطلاع بما يجري من حولنا ، مشيرا إلى أن ذلك يدعو إلى الوعي وهو من أسباب رقي الحضارات . وقال في خطبة الجمعة اليوم : " إن الإنسان الناجح الموفق هو الشخص الذي آمن بربه سبحانه وتعالى وصدق برسوله صلى الله عليه وسلم وجعل الإسلام قائده ودليله إلى فعل الحسن واجتناب القبيح وجعل من هذا الشعور المتكامل معيارا يميز بين الخبيث والطيب ولديه من الحكمة والتأمل ما يتقي به السوء قبل وقوعه بفضل مولاه جل وعلا أو أن يرفعه بعد وقوعه" . وبين فضيلته بأن السر الكامل وراء حسن التصرف في مثل ذلك هو وجود خصلة الوعي ما تميز به هذا الإنسان , و تتجلى بسلامة الإدراك ودقة في الابتعاد عن المؤثرات بالمنطق والتي يمكن من خلالها قراءة ما بين السطور ، وقال :" إن الوعي هو أمر زائد على مجرد السمع والإنصات فالوعي أعلى من مرتبة الإحساس السمعي والبصري". وأشار فضيلته إلى أن الإنسان المسلم أحوج ما يكون إلى استثمار جانب الوعي في زمن كثر فيه الغش وشاع بين عمومه التدليس والتلبيس في كافة جوانب الحياة دينية أو دنيوية ، مؤكدا أن الوعي سلاح منيع يحمي بعد الله سبحانه من الوقوع في غش أو خداع أو غفلة ، والمؤمن الواعي محمي بإذن الله عن مثل تلك العثرات . وأبان أن الوعي هو أعمق من مجرد التصور الظاهر للأمور ، حيث أن التصور الظاهر يعتريه شيء من تزييف الأمور والتذويق وتزوير الحق بالباطل فيكون سببا في الحكم على الشيء وخطأ العمل بعد الحكم على الشيء ، ولهذا كان الوعي سببا أقوى في إثبات الحق . وبين إمام وخطيب المسجد الحرام أن الوعي ليس عبارة فلسفية أو طرف فكريا بل هو إدراك يناله المرء بالجبلة تارة وبالإكساب تارات أُخر ، فهو صفة مساندة للعلم ومكملة له وبالوعي نصل إلى الحقيقة ، وتعلم ما يدور في عالمك من أحداث وإن اعتراها شيء من التحريف وبالوعي يعرف المرء متى يصدق أو متى يكذب الشيء وبالوعي يعرف متى يكون الكلام خيرا له والصمت خيرا له ومن يستعين به ومن يستغله وبالوعي أيضا يستطيع تصور القضايا وليكون الحكم على الشيء فضلا عن تصور حقيقته فلا يعجل بالحكم . وقال الشيخ الشريم إن الوعي ليس إعمالا بسوء الظن ولا تكلفا لما وراء الحقيقة وليس رجما بغيب ولكنه كياسة وفطنة ناشئة عن بصيرة للأمور ومعرفة أحوال الناس وإطلاع وافر على الأحداث بالنظر الدقيق الذي لا يغالطه بهرجة ولا إغراء ، وهو في حقيقته سلاح قد نحتاجه في الهجوم وقد تحتاجه للدفاع . ودعا فضيلته المسلمين إلى أن يكونوا لبنة في المجتمع لنحسن المسير ونتقن العمل والتعامل للنهوض بالمجتمع من السيئ إلى الحسن ومن الحسن إلى الأحسن . وأكد إمام المسجد الحرام أن الأمة بمجموعها لا تكون واعية إلا بوعي أفرادها ، فهم فكرها النابض وبصيرتها الراقية بها إلى معالي الأمور ؛ وقال :" إن الأمة إذا وعت فقد أدركت ما لها وما عليها بين الأمم الأخرى فتستثمر مكتسباتها الدينية والسياسية والاقتصادية لتثبيت هويتها والاعتزاز بها والاستعداد الدائم لسد الثغرات داخلها وخارجها وألا تؤتى من قبلها ، فبقدر وعي أمتنا يمكن إجادة التعامل مع الأحداث والأزمات بعين المدرك لتحديد الأولويات وحسن التعامل معها بإدراك حقائقها متجاوزة المؤثرات النفسية و الاجتماعية والسياسية ، منطلقة من مبدأ الإنصاف والعدل وإنزال الأمور منازلها كي لا تمتهن ولا تزدرى من قبل خصومها وأعدائها فتسقط من علو ، وإنما قوة الأمة الدينية والسياسية والاقتصادية منطلقة في وعيها في استثمار طاقاتها البشرية وتهيئتها لتكون خير من يخدم دينها ومجتمعها محاطة بسياج الوعي كي لا تتلقى الوكزات تلو الوكزات ولا تؤتى من مأمنها فتدفع حينا إلى ما لا تريد أو أن يستهين بها خصمها وحاسدها ، فالأمة الواعية لاتخدع ولا ينبغي لها أن تخدع ما دامت قائمة بأهم مقومات وعيها وهو دينها وعدلها وأخلاقها وعلمها فما جعل الله أمة الإسلام وسطا بين الأمم إلا بمثل ذلكم". // يتبع // 15:09 ت م تغريد