هاجر شرواني شاعرة تخفي بين سطورها جبروتا وعفوية. تتلمس دربها في الطريق الإبداعي، وتكتب قصائدها بصمت حينا وضجيج أحيانا. وهي في هذا الحوار تناقش علاقتها بالذات والآخر، وصلاتها المربكة مع الإعلام، ونظرتها إلى مستقبل العمل الثقافي في «أدبي الباحة»، ورؤيتها للعلاقة بين المدرسة والأدب. كيف تنظرين إلى التصنيف الشائع الذي يسمي ما تكتبه المرأة أدبا نسائيا؟ الرجل والمرأة قطبا الحياة، ولا نجرؤ على القول بأن هناك حياة للمرأة وحياة للرجل، إنما أرى أن الحياة هي القيمة المكتسبة التي ينتظرها الجميع، وما الأدب سوى عدسة مكبرة لهذه الرياح ولهذه القيمة، فكيف نصنف الأدب إلى نسائي ورجالي؟! وأستطيع أن أصوغ إجابتي بهذه العبارة: «هناك أدب إنساني بقلم رجل، وأدب إنساني بقلم امرأة». تبدين في شعرك أنك أثنى ناعمة ورقيقة، لكنك في الواقع تظهرين شراسة شديدة لا أعلم من أين حكمت على هذا الواقع.. هل علي أن أكون مسالمة ومرائية ومداهنة بل ونمطية حتى يرضى الجميع؟ ثم ما المسافة التي تتوقعها ما بين الرقة والأنوثة والشاعرية من جهة، وبين النضال من جهة أخرى؟ الأنثى بطبيعة تكوينها مناضلة وقد تكون شرسة ولا أرى في ذلك أي نوع من الخطأ. علاقتك بالإعلام متوترة.. تغضبين من المواد التي تنتقدك وتمتدحين من يطبّل لك! لا أتفق معك أبدا في صياغة السؤال بهذا الشكل. لأنني لم أغضب إلا على مراسل بعينه، وفي أمسية بعينها، إن كنت تقصد هذه الحادثة التي حصلت بعد أول أمسية شعرية لي ب«أدبي الباحة»، فوجئت بعد يومين أو ثلاثة بتغطية صحفية عجيبة عن هذه الأمسية باعتباره مراسلا هذا عنوانها «شاعرة تحرج رئيس وأعضاء نادي الباحة الأدبي»، وهو يقصد العبارة التي قلتها عفويا عن نائب الرئيس أنني «حسبته النادي كله». وقد تحدثت إلى هذا المراسل الذي أخبرني أنه أراد أن يسري عن الرئيس وبعض الأعضاء لأنه أحس بضيقهم من هذه العبارة. لكنك تنتقدين «أدبي الباحة» نفسه في مناسبات كثيرة.. من حق المتابع أن يبدي رأيه، حتى لو فسر هذا الرأي بأنه هجوم، لأنني أؤمن أنه محاولة للارتقاء بمستوى هذه الصروح الثقافية. النادي منحك فرصة الظهور للمرة الأولى.. هل تتنكرين له؟ لا أتنكر لهذه المؤسسة الثقافية الرائدة إلا أنني أود لو قام النادي بدوره الحقيقي بدل تصيد الأخطاء اللغوية والنحوية وتفسير الكلمات بطريقة فلسفية.. وأتمنى منه الترفع عن المسائل الشخصية وحل مشكلات النادي داخل النادي لا الدخول في دوامة الاتهامات، كذلك أطالب بتحكيم إرادة الجمهور المتذوق وفتح النادي للمواهب الشابة، وأود كذلك أن يتم التعامل مع ضيوف النادي بصورة أفضل، لكني أيضا أشكر النادي وأشيد بجميع أعضائه وبرئيسه وكل من يهتم لأمر هذا النادي. ما رأيك فيما حصل بين الرباعي والمساعد في «أدبي الباحة» على خلفية إعفاء المساعد من الرئاسة والعضوية؟ لو قلت إن ما حدث مهزلة، سيفسر حديثي على أنني مع الاختلاط، وأنا أبعد ما أكون عن ذلك، لكن المنصف من يقول: ما حدث مهزلة وهو تخلف وسخف. وأمور النادي لا يحلها إلا رجال النادي وداخل النادي. ولا داعي لتحويل وتحوير الكلام بداعي الدفاع عن القيم والمبادئ، وهي تجربة آلمتني تجربة علمتني. هل ترين الدور الذي تقوم به لجان المواهب بالأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، وهل يصل صداها للمدارس؟ سأصدمك حين أقول لك إن معلمات المدارس أنفسهن لا يعلمن عن النوادي الأدبية أو اللجان والجمعيات!. فكيف بالطالبات؟ سأحدد موضع المشكلة أكثر وأقول إن سبب المشكلة مشترك بين الجميع: النوادي والأسرة ووزارة التربية والتعليم بل بالأخص الإعلام. فأين الارتباط بين التعليم العادي والعالي وبين النوادي الثقافية والإعلام بل والمثقفين والمثقفات؟ كما أن مفهوم الإعلام والثقافة في المدارس محصور في الإذاعة بمعناها الروتيني القاتل، وإن حدث فيها إبداع فسيكون مشهدا يُقرأ من الورق، أما الأنشطة الأخرى فكلها على الورق كلها ملفات وسجلات تسلم للموجهة كي تحصل المعلمة على درجة أو شكر فقط على مدى جمال شكل السجل ولونه وغلافه!.