بالتأكيد، بسيطة هي أحلامنا عندما استودعناها ملفا بائسا نسميه ملفا «علاقي» ذا لون أخضر، اللون الوحيد هنا الذي يدعو للتفاؤل.. فكرت للحظة بحجم الأحلام التي حملها هذا الملف، أحلام بالحصول على مقعد في جامعة.. أحلام بالحصول على وظيفة.. أحلام بالحصول على موافقة صحية.. أحلام بالحصول على قطعة أرض خارج المدينة بالطبع.. أحلام بالحصول على قرض لبناء ربع بيت.. أحلام بالحصول على قرض زواج يكفي لإقامة الوليمة فقط.. أحلام بالحصول على منحة دراسية.. أحلام.. أحلام.. أحلام بسيطة ومنطقية كان يئدها هذا الملف بكل قسوة وعجرفة دون أن يشعر بالذنب أو حتى بالرحمة. ألم يخطر ببال هذا الملف أننا نستحق؟ أو أننا نحتاج؟ أو حتى أن يتصدق علينا بتحقيق بعض أحلامنا؟ حتى إنه لم يحاول أن يحسن من شكله مراعاة لأحلامنا التافهة جدا بنظره. فهو لم يزل شاحب اللون، حاد الأطراف، يتعامل مع أوراقنا بكل قسوة. عصي جدا هذا الملف أمام كل محاولات تهميشه، فعندما تقرر وزارة ما الاستغناء عنه، لا تلبث أن تعود بكل خنوع، فهو الأجدر بالتهام الأحلام لا البرامج الكمبيوترية المتهمة بالحفاظ على أوراقنا ومعلوماتنا بأمانة يصعب معها تهميشها.. حتى تلك التي تقرر أن تستغل التقنية الجديدة لوأد أحلامنا لا بد لها أن تستعمله في واحدة من خطوات الوأد!. أيها الملف العزيز.. أرجو أن تمنحنا بعض وقتك لترى أحلامنا التي نودعها جوفك.. حاول فقط أن ترى كم شاب لم يستطع دخول جامعته المفضلة أو غير المفضلة! كم شاب يحلم بوظيفة صغيرة تجعله يخطو إلى الأمام خطوة على الأقل! كم مريض ينتظر أن ترى بعين عطفك مرضه الذي أنهكه! كم رب عائلة يحلم ببيت صغير يؤويه وعائلته! وإلى أن تقرر أن ترى ذلك سنظل نمنحك أحلامنا؛ لأنه ليس باستطاعتنا إلا أن نمنحك.