منذ أن تعلمنا القراءة ونحن نقرأ في صحفنا عن قيادة المرأة للسيارة بين مؤيد ومعارض، لأكثر من 20 عاما وكم من الورق يهدر ومساحة صحفية قد احتلت لهذا الموضوع. كم من «ساعات بث» تلفزيونية لبست ثوب هذه القضية التي «جعلها» مجتمعنا تبدو كقضية مصيرية قفزت من أقصى القضايا الهامشية، حيث لا تكاد تناقش في أي مكان، لتحتل القضية رقم واحد في مجتمع يحب الجدل ويعشق صراع الآراء المتضادة لتمضية الوقت، وكجزء من تسلية ثقافية جديدة منحت الكثير من مؤيديها ومعارضيها ضوءا إعلاميا لم يكونوا ليحصلوا عليه لو لم يرزقهم الله بمثل هذه القضية. قبل أن أكتب عن هذا الموضوع قمت بسؤال الكثير من الأخوات والزميلات عن أهم قضية تخص المرأة السعودية وترى أنها بحاجة إلى حل جذري، لم تأت قضية قيادة المرأة في أولوية قضاياهن، كما تصور لنا بعض وسائل الإعلام وبعض المستفيدين من ركوب هذه الموجة الإعلامية. بل إن بعض الأخوات لم تذكر قيادة المرأة للسيارة كمشكلة من مشاكلها لكونها تعايشت منذ أزمان مع وضعها الراهن، ولكونها أيضا امرأة تشعر بمسؤولية تجاه الكثير من بنات وطنها يحتم عليها ألا تنظر إلى مسألة قيادة المرأة للسيارة كقضية ذات أهمية، بل قد لا تصنفها ضمن مشاكل المرأة. قيادة المرأة للسيارة ليست أهم من قضايا كثيرة تخص المرأة وتحتاج إلى حل حقيقي مثل مشاكل حقيقية قائمة وضررها واضح سواء على المرأة أو على الوطن على حد سواء. تعليق المرأة من قبل زوجها مثلا يحتاج إلى حل أهم من حل مسألة قيادة المرأة للسيارة، هناك الكثير من النساء الملقيات في بيوت أهاليهن دون حل، فهي ليست بالمطلقة وليست بالمتزوجة، معلقة رقبتها بيد شاب يريد إذلالها قدر الإمكان أو إغضاب ذويها لمجرد أن ولاية أمرها انتقلت من أبيها إليه، فلا يريد أن يفلت من بين يديه حبلا كلما شده اختنقت امرأة مسكينة لا حول لها ولا قوة. يجب أن ينظر إلى قضايا المرأة الأخرى ذات الأهمية الأكبر من أهمية قضية مثل قيادة المرأة للسيارة. إشغال المرأة وإرباكها بهذه القضية أعاقها عن التفكير بقضايا أهم.