لم يدر بخلد نورة الشعبان التي كانت تعمل معلِّمة في إحدى مدارس المنطقة الشرقية أن تصبح في فترة وجيزة أشهر مدربة على مستوى المملكة ومعتمدة من جامعة كامبردج إنتركونتيننتال استطاعت تدريب أكثر من 5800 شخص ما بين رجال ونساء على المستوى العربي. وتحكي نورة قصتها: «تدرجت في السلك التعليمي إلى أن أصبحت مديرة مدرسة خلال أقل من ثمانية أعوام، إذ تنقلت بين المدارس وكانت عندي ثقة كبيرة بأن كل المدارس تسير على نمط واحد، حتى تعرفت على نقاط الضعف والقوة في كل مدرسة». وواصلت حديثها حينما انتقلت إلى مدينة أخرى: «النقلة النوعية في حياتي كان انتقالي إلى الجبيل الصناعية وعملي كمنسقة إعلامية لإحدى الجمعيات النسائية، إذ تحولت حينها من عالم التعليم إلى فضاءات الإعلام من خلال قناة الجبيل التي تبث الفعاليات الخاصة بالجبيل الصناعية». واسترسلت: «حينها وجدت نفسي من خلال ابتكار الأنشطة والفعاليات، ورغم أن الفترة قصيرة لا تتجاوز عاما وأربعة أشهر إلا أنها غيرت تفكيري وطموحاتي، فعدت إلى الخبر لأبدأ مشروعي الخاص للدخول إلى عالم المال والأعمال». ** عادت نورة كما تقول إلى الخبر، وهي تحمل شعار «إبداع» وهدفها تغيير الصورة النمطية عن المرأة السعودية، وتغيير أساليب التفكير لدى المرأة: «ليس صحيحا أنها لا تفكر إلا في الزيارات والمناسبات، بل إنها تصنع العادات والتقاليد، بل تصنع المجتمع». «إبداع» هي الشعلة المضيئة في داخل نورة الشعبان: «أعمل على تكبيرها وأريدها أن تدخل في كل سيدة فتتغير حياتها للإنتاجية والإنجاز ويحيلني إلى إنسانة متميزة وليست عادية تماشي الآخرين، بل تنظر إلى الأعلى، فهناك مجالات كثيرة فتحت أبوابها للنساء، وتحتاج فقط إلى الباحثات عن النجاح». وتعرج نورة إلى منعطف شائك، إذ تشير إلى أن أولى الصعوبات التي واجهتها، منع بعض السيدات بناتهن من حضور ملتقياتها خوفا من التأثير فيهن. ** بدأت تظهر شخصية نورة عند أول ملتقى من ملتقيات إبداع عام 2003 عن طريق تنظيم أمسية شعرية، ولكنها استغلتها في اكتشاف قدرات الحاضرات اللاتي تجاوز عددهن 350 سيدة، فعبرت مجموعة كبيرة منهن عن أنفسهن لتكتشف إبداعات ومهارات متعددة وألوانا متنوعة من الأفكار، ما شجعها على إقامة الملتقى كل عام. وبعد ذلك دخلت نورة عالم الأعمال عن طريق مؤسسة ملتقيات إبداع التي انبثقت من «إبداع» تحت مظلة وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع اتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي وغيرها من الجهات التي ساهمت في بلورة ملتقيات إبداع عن طريق اللجان وكثير من المؤسسات الحكومية التي تشرف على هذا النشاط. وتزيد: «دربت في معظم مناطق السعودية، ودربت في دول الخليج والدول العربية ما يزيد على 5800 شخص ما بين رجال ونساء، وأفتخر كثيرا باسم أول مدربة سعودية، وكنت ألمس الكثير من التغيرات على كل من دربتهم، وهذا هو النجاح الحقيقي لي من خلال إحساس الشخص بأهمية إنتاجه». ومضت تتحدث بقولها «إن «إبداع» تكتشف إبداع المرأة السعودية والطرق المثلى للانتقال من التفكير الروتيني إلى التفكير الإيجابي وإحداث حراك في المياه الراكدة ونبذ الهامشية التي تعيش بها بعض النساء». ** وعن بداية المشروع، أفصحت بأنها بدأته بخمسة آلاف ريال فقط، كمؤسسة تهتم بالتدريب والتطوير والعلاقات العامة: «عملت بمفردي في البداية والآن لدي كادر جيد من السيدات اللاتي أفتخر بوجودهن معي، كان والدي، رحمه الله، ووالدتي هما من غرس في حب التعلم والإبداع». لا أحب لقب سيدة أعمال، هكذا قالت: «فسيدة الأعمال في منظوري هي من تدير مصنعا أو شركة، ولكن اللقب الذي أحبه هو نورة الشعبان المدربة السعودية». وحلمها الكبير الذي تسعى إلى تحقيقه على أرض الواقع: «استحداث وزارة للتدريب تقودها كأول وزيرة سعودية لإيمانها القوي بقدراتها وأن التدريب يعني استثمار العقول، وهو أفضل كثيرا من الاستثمار في الأراضي والمباني والمدن الصناعية». وترى نورة أن أطول رحلة للإنسان هي رحلته داخل ذاته: «من خلال محاضراتي أريد أن أطمس فكرة أن تقاليد المجتمع هي الشماعة التي تقف دون إبداع المرأة السعودية» .