ينتظر أن يشهد الشمال السعودي طفرة صناعية كبرى، مع قيام مشروع الفوسفات الكبير بحزم الجلاميد، وإنشاء سكة الحديد المنتظرة، ما يعني إحداث نهضة صناعية تعدينية عملاقة تفتح أفاقا جديدة من الفرص الوظيفية للشباب السعودي، ستساهم في التقليل من حجم البطالة المتراكم منذ عدة أعوام، وتفتح المزيد من الفرص لرجال الأعمال بالمنطقة من خلال المشاركة بالخدمات المرافقة لهذه المشاريع التعدينية أو تلك الأعمال المساندة التي تحتاج إلى عقود الشركات المحلية. وما يزيد من مساحة التفاؤل، أن التكلفة الرأسمالية لمشروع الفوسفات في منطقة الحدود الشمالية، قدرت بحوالى 2.25 مليار ريال، وتكلفة إنشاء سكة حديد الشمال – الجنوب، التي تم توقيع عقد تشييدها في إبريل من العام الماضي، تصل إلى 17.1 مليار ريال، أي أن تكلفة المشروعين تقارب عشرة مليارات ريال، ما سيحدث نهضة تنموية عملاقة في الشمال، ستساهم في إحياء المناطق المجاورة، وتؤدي إلى تنويع مصادر الدخل الوطني والمساهمة في رفع الناتج المحلي. وقال مراقبون إن هذه المشاريع ستؤدي إلى تحقيق قيمة مضافة للموارد الوطنية وقيام صناعات تحويلية عديدة مثل صناعة الأسمدة والألمونيوم ومعالجة المعادن ومواد التجميل، وكذلك المساهمة في نقل وتوطين التقنية للصناعات التعدينية وتشجيع الاستثمار المحلي والعالمي في المملكة، وتعزيز وضع المملكة الإستراتيجي والصناعي في مجال الأسمدة الفوسفاتية وإنتاج الألمونيوم وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة وتطوير المناطق المجاورة للمشاريع، وتوفير البنية التحتية والمساهمة في تحقيق التنمية الشاملة. وستساهم هذه المشاريع أيضا في الحد من الهجرة إلى المدن الكبيرة، وتشجيع الهجرة المعاكسة، مع بروز تجمعات حضارية ستتشكل إلى مدن في المستقبل، إذ تعمل شركة التعدين العربية السعودية «معادن» المستثمر الأساس في هذه المشاريع في إطار إستراتيجيتها الهادفة إلى تطوير مواردها البشرية على جميع المستويات، بهدف تلبية حاجات النشاط التعديني المتنوع، وتذليل العقبات التي تعتري توافر العمالة الماهرة من خلال التنسيق مع كليات التقنية في المدن والمحافظات في منطقة الشمال والمنطقة الوسطى بهدف تدريس تخصصات التعدين لمواجهة متطلبات سوق العمل خاصة في مجال علم التعدين، وهو علم نادرا ما يدرس في الجامعات أو الكليات السعودية. يذكر أن سكة حديد الشمال الجنوب، ستشكل العمود الفقري الذي يعزز من نهوض الصناعات التعدينية بالمنطقة، إذ ستنقل الخامات بعد تصنيعها المبدئي من مراكز تمعدنها في وسط وشمال المملكة إلى حيث المجمع الصناعي التعديني الذي تشيده «معادن» على الخليج العربي لأغراض التصنيع النهائي والتصدير، ويبلغ مجموع أطواله نحو 1700 كيلو متر، وستنفذه ثلاثة تحالفات عالمية متضامنة مع شركات وطنية، على أن يتم تنفيذ تلك المشاريع خلال 42 شهرا، بالتزامن مع انتهاء مشاريع معادن. أما مشروع الفوسفات، فوقعت شركة معادن اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الخاصة به مع شركة سابك في 2007، على أن يكون مشروعا مشتركا بحيث تمتلك معادن 70% من رأس المال، وتمتلك سابك 30%، بهدف الاستفادة من احتياطيات الفوسفات الموجودة في موقع الجلاميد بالحدود الشمالية، والاستفادة من الموارد الطبيعية من غاز وكبريت لتصنيع سماد فوسفات ثنائي الأمونيوم «dap» وتتميز بالمرونة التصميمية لإنتاج الفوسفات أحادي الأمونيوم «map»، وسيتم تسويق فوسفات ثنائي الأمونيوم «dap» الذي سينتجه المشروع إلى الأسواق العالمية، وسينتج المشروع كميات إضافية فائضة عن حاجات ومتطلبات إنتاج السماد من مادتي الأمونيا وحامض الفوسفوريك لتسويقهما محليا وعالميا. وشمل مشروع الفوسفات التطوير والتصميم والبناء والتشغيل ضمن موقعين رئيسيين هما: موقع الجلاميد الذي يضم منجما للفوسفات ومصنعا لمعالجة الخام ورفع النسبة وبنية تحتية ومرافق مساعدة، ويهدف المنجم لإنتاج نحو 11.6 مليون طن في السنة من الخام، لإنتاج ما يقدر بخمسة ملايين طن في السنة من مركزات الفوسفات الجافة، وتشير التقديرات إلى أن الاحتياطيات المتوافرة في منطقة رخصة التعدين في الجلاميد تصل إلى نحو 534 مليون طن، وسيتم استخراج 223 مليون طن لمشروع الفوسفات تكفي لمدة 20 عاما من الإنتاج، وسيرافقه إنشاء بنية تحتية صناعية ضخمة في الموقع لدعم عمليات التعدين ورفع النسبة، شاملا محطة للطاقة الكهربائية، وإنتاج ومعالجة وتوزيع المياه الصالحة للشرب، والطرق، والاتصالات. أما الموقع الثاني فهو رأس الزور، ويقع مجمع الأسمدة الفوسفاتية شمال مدينة الجبيل الصناعية على ساحل الخليج العربي، ضمن منظومة لإنشاء صناعة متكاملة للأسمدة بما في ذلك البنية التحتية اللازمة لمشروع الفوسفات، وستنقل مركزات الفوسفات عن طريق السكك الحديدية من مصنع المعالجة ورفع النسبة في الجلاميد إلى موقع مجمع الأسمدة الفوسفاتية في رأس الزور لإنتاج الأسمدة، بدءا من مصنع حامض الكبريتيك، مصنع حامض الفوسفوريك، مصنع الأمونيا، مصنع فوسفات ثنائي الأمونيوم «dap»، مصنع التوليد المشترك، محطة تحلية المياه، والبنى التحتية الأخرى، ومن المقدر أن ينتج مشروع الفوسفات حوالى 2.92 مليون طن في السنة من حبيبات الفوسفات ثنائي الأمونيوم «dap»، بالإضافة إلى ما يقرب من 0.44 مليون طن في السنة من فائض الأمونيا، ومن المتوقع أيضا أن ينتج المشروع حوالى 0.16 مليون طن في السنة من فائض حامض الفوسفوريك .