أثارت زيارة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج إيل الأخيرة إلى الصين، علامات استفهام كثيرة، خاصة أنها أحيطت بالسرية التامة والتكتم الشديد في فترة تشهد توترا في شبه الجزيرة الكورية، وبسبب طموحات بيونج يانج النووية. وفي ظل البحث عن الأجوبة، تناسى الجميع التحدث عن الوسيلة التي اجتاز بها الزعيم الغامض الحدود بين البلدين.. وهي قطار مدرع، عند الخامسة فجرا، حسب تقرير أعده بيل باول لمجلة تايم الأمريكية بعنوان «رحلات كيم». كشف الاثنين الماضي أحد المسؤولين عن جسر الصداقة في داندونج، المركز الحدودي الرئيسي بين الصين وكوريا الشمالية الذي يقع في إقليم لياونينج شمال شرقي الصين، أن قطارا خاصا من كوريا الشمالية عبر إلى البلاد في وقت مبكر، حاملا الزعيم كيم، رغم أن الخارجية الصينية رفضت في البداية تأكيد وصول كيم: «لقد وصلنا قبل ذلك بلاغ من مكتب الأمن العام والجيش بوجوب تعليق العمليات السياحية قبل الظهر». وفي داندونج أكد شهود أنه كان هناك وجود أمني مكثف على طول النهر الذي يفصل بين البلدين وحول المدينة مع إغلاق المنطقة حول محطة القطار. وهي الزيارة الأولى لكيم منذ أكثر من أربعة أعوام إلى الصين، الحليف الأبرز لكوريا الشمالية التي تزودها بالمال والمواد الغذائية والوقود، حيث تعاني كوريا الشمالية من نقص مزمن في المواد الغذائية منذ انهيار الاتحاد السوفييتي السابق قبل عقدين. وتفاقم نقص المواد الغذائية في نوفمبر الماضي إثر إصلاح مالي. وتعد الصين من الدول القليلة جدا القادرة على ممارسة ضغط على نظام بيونج يانج. ومعروف عن كيم «68 عاما» منذ أن كان خليفة لوالده الراحل كيم إيل سونج، أنه لا يحب السفر بالطائرة خوفا من أن يحاول أحد أعدائه الكثيرين إسقاط طائرته في الجو، حسب حارس شخصي للزعيم، وتحاط كل تنقلاته خارج البلاد بسرية تامة، ويعلن عنها فقط عند انتهائها. وهو يملك ستة قطارات فاخرة مدرعة بالكامل لرحلاته داخل البلاد وخارجها، حيث بنيت 19 محطة للسكك الحديدية مخصصة له حصريا. وتتألف القطارات من 90 مقطورة مصفحة، وتحتوي قاعات للمؤتمرات والجلوس وغرف نوم وهواتف للاتصالات بالأقمار الصناعية، وشاشات تليفزيون مسطحة عملاقة ليتمكن الزعيم من تلقي التقارير وإصدار الأوامر. والقطار الذي ينقل الرئيس، يسبقه قطار يضمن سلامة الطريق وأمنه ويتبعه آخر يقل الحراس الشخصيين والموظفين المرافقين. كما يتم إرسال نحو 100 رجل أمن مسبقا إلى المحطات للتأكد من خلو المنطقة من المتفجرات وقطع الكهرباء عن السكك الأخرى بشكل يمنع تحرك أي قطار آخر. وتقوم طائرات حربية ومروحيات كورية شمالية بتأمين الدعم اللازم جوا. والطريف أن الاستخبارات الأمريكية والكورية الجنوبية تجسست على هذه القطارات بالأقمار الصناعية وطائرات الاستطلاع وغيرها من أجهزة الاستكشاف، إلى جانب شهادات حصلت عليها من منشقين. ويتأكد كيم بنفسه من عمليات التمويه عن طريق حراسه الأمنيين، من خلال تسيير عدة قطارات ومواكب سيارات وسفن لخداع مسؤولي المخابرات الخارجيين، مؤكدا بذلك الهواجس التي تحيط به بشأن سلامته الشخصية. ويملك كيم مجمعا إداريا يشبه القلعة وتحيط به جدران خرسانية سميكة وأبواب معدنية مدرعة، يمكن أن تصمد أمام انفجار دبابة. ويتناقض سعي كيم للسرية مع والده كيم إيل سونج الذي كان أكثر انفتاحا ويسمح بمعرفة مكانه قبل أي زيارات