يتأخر طفل من أولئك الذين يتواجدون ف ي محيط الملعب لمساعدة اللاعبين على إحضار الكرات الشاردة فيصفعه أحدهم بعبارات قاسية بحجة أنه تباطأ وفريقه متأخر في النتيجة. يهدر مهاجم هدفا محققا فتنهال شتائم المدرجات عليه وعلى عائلته الأحياء منهم والأموات. يخطئ مدافع أو حارس تلج الكرة المرمى فتقوم الدنيا ولا تقعد وينتقي عدد من الجماهير الحاضرة باقة من أردأ أنواع السباب يقذفونه بها وهؤلاء الأطفال الأبرياء يلتقطون كل ذلك مع الكرات بآذان مرتجفة وأبصار زائغة. ما دمنا اعترفنا بوجود هذه الظاهرة فلماذا نعرض أطفالنا لهذ ه التجارب المريرة؟ ولماذا نغذي طفولتهم بثقافة الشتائم والسباب؟ ومن المسؤول عن وضعهم في هذا المكان الخطأ؟ وماذا يقول التربويون وأصحاب الرأي من أهل الرياضة وكذلك ناشطو حقوق الإنسان عن ذلك.. وماذا لديهم من حلول وبدائل؟ الدكتور عبدالرزاق أبوداود الرئيس الأسبق للنادي الأهلي وعضو شرفه الحالي والذي كان أول المتحدثين، لا يرى أن الأمر سلبي ف ي مجمله بل له جوانبه الإيجابية أيضا لأن إحضار الأطفال للكرات بادرة ممتازة على حد قوله تنمي فيهم الروح الرياضية وتكسبهم فن القيادة، كما أن الغالبية العظمى من الجماهير واللاعبين على قدر كبير من المسؤولية، ويرى في المقابل «أن لكل قاعدة شواذ» فربما يوجد من يردد بعض العبارات البذيئ ة التي تلتصق في آذانهم وتؤثر فيهم ويطالب فقط بأن تختفي هذه العبارات وأن يتم العمل على مكافحتها ومحاربتها، وهي كما يقول مسؤولية الجميع لنشر الوعي في المجتمع وترسيخ القيم الرياضية النبيلة في الأنفس . كميخ: عبارات مشينة المدرب الوطني علي كميخ يؤكد تأثر النشء بما يسمعونه من عبارات سواء من اللاعبين أو من الجماهير في المدرجات، وقد ينقلونها للمتعاملين معهم ويقول «حقيقة سمعنا الكثير من العبارات السيئة التي تتردد عندما كنا لاعبين أو بعد أن عملنا ف ي الأجهزة الفنية وخاصة في المباريات التنافسية حت ى تمنيت أن توضع على آذان هؤلاء الأطفال كاتمات صوت حتى لا يسمعوا بعض الكلمات البذيئة، ويفترض أن يكون للتثقيف دوره من خلال نشرات توزع على الجماهير أو من خلال الساعة الإلكترونية في الملعب. القروني: مراعاة سنهم مدرب وطني آخر هو خالد القروني يرى أنه وبغض النظر عما قد يسمعونه من ألفاظ وعبارات خارجة بالإمكان علاجها بتوجيههم وتعريفهم بالخطأ والصواب، إلا أنه يجب أيضا مراعاة صغر سنهم والتقلبات المختلفة التي قد تؤثر في حياتهم، وكذلك مدى تأثر مستواهم الدراسي بسبب إقامة المباريات في أوقات متأخرة، ويطالب القروني بألا يكونوا من الأطفال المعروف عنهم سرعة تأثرهم بكل ما يحيط بهم. الحماد: الأمر خطير سعود الحماد مهاجم الهلال السابق والمشرف التربوي والرياض ي بوزارة التربية والتعليم حاليا قال إن ما يسمعه هذا الناشئ خطر على أخلاقه لما يتعرض له من إهانات وما يسمعه من عبارات سواء من اللاعبين أو الجماهير ومن يقول غير ذلك يخالف الواقع، وأضاف: « نحن في وزارة التربية والتعليم يقوم عملنا على أن التربية تسبق التعليم، فإذا كان يتلقى من معلمي ه في المدرسة تربية أخلاقية مكثفة ويجد عكسها فبالتأكيد سيؤثر ذلك في نفسيته نتيجة لما يسمعه من معلمه من قيم وما يجده ممارسا خارج المدرسة »، ويطالب الحماد بتعليمهم وتدريبهم على مجابهة الأمور السيئة وكيفية التعامل معها والعمل على إكسابه فن القيادة لأن ذلك هدف وجداني تسعى الوزارة لتحقيقه. السهلاوي: التبصير هو الحل محمد السهلاوي «مهاجم فريق النصر» يرى من جانب آخر أن الطفل يتأثر بما يسمعه وربما يردد بعض العبارات وهو لا يعي معناها خاصة إذا صدرت من لاعب جماهيري، ويقول إن مفتاح نجاتهم في تعليمهم وتربيتهم وتبصيرهم بالخطأ والصواب. وتمنى المهاجم الذي يعيش أحلى أيامه في الملاعب من المسؤولين الاهتمام بمستوى تحصيل هؤلاء الدارسين ومتابعتهم وتقديم كل ما يسهم في راحتهم ونجاحهم. وليد: اللاعبون بريئون حارس مرمى فريق الشباب والمنتخب الوطني وليد عبدالله نفى التهمة عن زملائه اللاعبين ولا يعتقد من جانب آخر في وجود من يتعمد إهانتهم فهم أولا وأخيرا، حسب رأيه، يؤدون خدمة للجميع. وبالنسبة إلى ما قد يسمعون ه من كلمات نابية من المدرجات يرى أيضا أن للتربية دورا مهما في تحصينهم وحمايتهم منها. معاذ: التجاوزات محدودة زميله في الشباب والمنتخب الأول «حسن معاذ» له نفس الرأي حيث لا يعتقد أن ما يسمعونه سيكون له تأثير عليهم سواء من بعض اللاعبين أو الجماهير، فالغالبية العظمى من اللاعبين، على حد قوله، يعاملونهم معاملة مثالية، فاللاعب في مهمة محددة داخل الملعب ولكن ربما تصدر من البعض أحداث وليدة اللحظة ناتجة من اختلاف الميول مما قد يؤد ي بهذا الناشئ لتأخير الكرة وإضاعة الوقت مما يخرج اللاعب عن طوره ويفقده أعصابه ليطلب الكرة بصوت مرتفع بعيدا عن الكلام السيئ أو الجارح. صديق: هاتوا شركات لاعب آخر هو صالح صديق المنتقل من الشباب للنصر يرى أن التعامل مختلف من شخص إلى آخر «فالأصابع ليست سواء» فالكثير من اللاعبين في رأيه يعاملونهم بود واحترام، وهناك من يعاملهم بجفوة بل ويتلفظ عليهم بألفاظ نابية لا يقبل أن تقال لابنه أو أخيه، وقد وقف من جانب آخر كلاعب على بعض الأحداث، وأضاف: «هؤلاء الأطفال تركوا أهلهم وراحتهم ودروسهم لتقديم هذه الخدمة فيجب احترامهم ومعاملتهم معاملة حسنة. وأخيرا يرى صديق إن كان هذا الطفل سيستفيد ماديا فلا بأس من استمراره أما إذا كان ما يقوم به مجانا فالأفضل أن يتم التعاقد مع شركات تتولى هذه المهمة. الأحمد: مسؤولية هؤلاء المعلم والمعلق الرياضي المعروف ناصر الأحمد يرى المسألة من منظور أن لكل عمل سلبياته وإيجابيات ه، ووجود هؤلاء الأطفال داخل الملعب تحكمه عوامل كثيرة فهم حسب رأيه صغار في السن ويتأثرون بسرعة كبير ة بكل ما يرونه أو يسمعونه، لذا تظل مسؤولي ة القائمين عليهم كبيرة لتنويرهم وتبصيرهم بما يحيط بهم وإيضاح خطورة ما قد يتعرضون له من اللاعبين أو يسمعون ه من الجماهير. ويرى الأحمد وجوب زرع الاحترام في أنفسهم وإشعارهم بأنهم يؤدون خدمة رياضية نافعة، كما تمنى أن يكونوا من المنتمين لكرة القدم ليكتسبوا الخبرات والمهارات من خلال متابعتهم للنجوم عن قرب. التربويون يرونه عاديا وبالعودة للتربويين لمعرفة وجهة نظرهم رأت ابتسام العباس ي المشرفة التربوية بوزارة التربية والتعليم أن تواجد الأطفال حول المسطحات الخضراء في مباريات كرة القدم أمر إيجابي ينمي لديهم المسؤولية من خلال حصولهم على مقابل مادي في أعمال لا تعتبر شاقة، كما أنها تضيف لتجاربهم الشخصية وقالت «هذه الأعمال لا تعتبر شاقة لأنها لا تؤثر في سلوكياتهم في ظل حصولهم على التوجيه الصحيح من قبل الآباء. الطب النفسي يحذر الدكتور جمال الطويرقي استشاري الأمراض النفسية ف ي مدينة الملك فهد الطبية تولى الإشارة للجوانب النفسية في الموضوع، موضحا أنه في ظل غياب الرقيب يندفع هؤلاء الأطفال نحو السلوكيات السيئة لضعف الوعي لدى غالبية لاعبي كرة القدم وانخفاض مستواهم التعليمي . وحذر من النتائج العكسية التي تحدث لهؤلاء الفتي ة خلال تواجدهم في الملعب والاعتداء عليهم والتأثير فيهم نفسيا أو جنسيا من خلال تحويلهم إلى أشخاص ناقمين يعملون على شائعة السلوك غير السوي بين أقرانهم وأفراد المجتمع الذين يختلطون بهم. «حقوق الإنسان» منزعجة في المقابل كان لجمعية حقوق الإنسان رأيها في الموضوع عبر الدكتورة سهيلة زين العابدين حماد عضو الجمعي ة والتي قالت إن عمل هؤلاء الأطفال تجاوز وانتهاك لحقوق الطفل في السعودية من خلال عملهم في الملاعب بمقابل زهيد أو تطوعيا لإشباع فضولهم في الالتقاء بنجومهم المفضلين وناشدت الرئاسة العامة لرعاية الشباب عدم السماح بذلك وطالبتها بمراجعة الحسابات في هذا الأمر، وأضافت: « نحن في بلد يطبق الإسلام الذي كرّم الطفولة فلماذا ننتهكها»، مشيرة إلى أنه من حق الطفل متابعة مباريات كرة القدم من خلال المقاعد المجهزة مع تخفيض تذاكر دخولهم الملاعب دون الزج بهم ووضعهم تحت ضغوط من الجماهير أو عرضة لتجاوزات بعض اللاعبين