القاتل الصغير (ص . ش) يبلغ من العمر 19 عاما محكوم عليه بالقصاص، بعد قصة درامية تعود إلى ثلاث سنوات: “ وقتها كان عمري 16 عاما، لا أعرف معنى التغرير بالصبية، فاستسلمت للأقارب، حتى وقعت في الفخ”، دعوه لنزهة في الخلاء بعيدا عن مخطط العمران في جدة، وهناك حاولوا فعل الفحشاء، وألزموه بالاستسلام للأمر الواقع، لكنه امتنع واستقوى على رد الجرم الفاحش: “قاومتهم قدر المستطاع، حتى تمكنت من الفرار منهم، وساعدني عابر طريق في التخلص منهم نهائيا، فأوصلني إلى منزلي، ناجيا من هؤلاء الأوغاد”. لكن في اليوم التالي تجددت المطالبة: “كيف ولماذا لا أدري، لكنهم عرضوا الرفقة، فاستسلمت بالموافقة، كيدا مني، فيما المعلن الموافقة بلا قيد ولا شرط”، اصطحبوه إلى مكان مهجور في موقع بعيد عن العمران بعشرات الكيلومترات، فأخفى في ملابسه كيد الصبية: “حملت السكين بين جنبات ملابسي، لم يرن أحد، وفي الموقع المختار لم تكن المضايقة هي العنوان، بل العرض والطلب”، لكن نخوة الرجال، سرعان ما تفجرت بفاحشة القول من أحدهم حيث هم به، فلم يكن الرد سوى طعنة وراء أخرى، وتمزيق أحشاء طالب الفحشاء: “سددت له ثلاث طعنات، سقط على أثرها مغشيا عليه، ليلفظ أنفاسه سريعا، حيث لا صوت استغاثة في الصحراء، وفررت من الموقع، لينفضح الأمر، وتنجح الشرطة في فك اللغز، لكنني وقعت في فخ الحبس”، اتهموه بالقتل مع سبق الإصرار والترصد، وطالبوا بالقصاص منه، فأودع لصغر سنه في دار الملاحظة، في انتظار اليوم الموعود، والنهاية المتوقعة، لكنه ما زال يعيش خارج حدود الأمس: “أعرف أن القصاص سيأتي فور نقلي للسجن العام، لكنني كنت أحافظ على نفسي وشرفي، هم لا يريدون سوى القصاص من ابنهم، وأنا لا أريد إلا التأكيد أنني لم أترصد للقتل بل للدفاع عن نفسي، أسألهم بروح الإنسانية.. هل يرضون أن يلطخ شرف ابنهم لو كان حيا في يوم ما، أناشدهم بضمير المسلمين.. هل تردون طلب قاصر يطلب العفو والجزاء لغة الصابرين”. ولأن صدى الدموع مقيد بعنبر القتلة الصغار، استرد الشاب كلماته، وهمهم بالدعوات: “أسأل الله أن يفرّج همي، ويجعل لي من أمري مخرجا، لأعود إلى أحضان أمي وأبي”. العراك القاتل (ف . غ) هو الآخر محكوم عليه بالقصاص، على الرغم من أن عمره لا يتعدى 18 عاما، لكنها كانت مضاربة أنهت حياة خصمي، ومستقبل الشاب: “استسلمت لغزو الشيطان، وانضممت لمضاربة جماعية بين فتيان حارتي، ضد فتيان الحارة المجاورة، لكنهم آذونني كثيرا، فكان الانتقام واجبا، سقطت أرضا، فبحثت عما أدافع به عن نفسي، ألهمني الشيطان بسكين تحتضنه الرمال، وكأنها قارب إنقاذ لي، فخطفتها ليأتيني أول معتدٍ علي، فلم أتردد في مواجهته بها، حتى سقط صريعا، فلم أتمالك نفسي، وسددت له 15 طعنة، أودت بحياته على الفور”، ولم يتوقف الأمر عند هذا النحو بل استمر كيد الشيطان، فدهمه الثاني فوجد منه المصير نفسه: “طعنته ست طعنات متلاحقة، ويعلم الله أنني لم أشعر بنفسي إلا ودماء الضحايا تتساقط من يدي، عندها يبدو أنني حسمت الشجار بالقتل، لينتهي العراك في ثوانٍ، ويبدأ الصراخ، والترقب، استدعوا الإسعاف، لكنه نقل جثماني الضحيتين، على الرغم من أن الثاني كان فيه رمق حياة، لكنه غادرها في العناية المركزة في المستشفى”. قبضوا عليه، وأودعوه السجن لانتهاء التحقيق، ثم جاء الحكم الشرعي بالقصاص منه متى ما بلغ نصيبا من العمر الافتراضي، فبقي في دار الملاحظة منذ عام تقريبا: “ لا راحة ولا أمان لي هنا، وكلما حاولت النوم، أستيقظ مفزوعا، وأحسمها بالاستغفار، والدعاء من الله أن يلين قلب أصحاب الدم ويصفحوا عني, فلم أعد احتمل طعم حياة أنتظر فيها الموت ساعة بعد أخرى، ويكفي أنني ارهقت أسرتي، واثقلت كاهل أمي التي لم تعد تذق طعم الحياة، وكلما زارتني أفرطت في البكاء”. جريمة القلم ولا يختلف الحال لدى (ر . ز) على الرغم من أنه يصغر رفاق عنبره بنحو العام، إذ لم يتعد 17 خريفا، وينتظر الحكم الشرعي بالقصاص، بعد فصول سيناريو لا يعرف كيف يتخلص منه: “فكانت البداية والنهاية في مدرستي، ومع أحد زملائي، ممن يناوشونني كلعب الصغار، لكنها في المرة الأخيرة كانت القاضية، كان يجلس في المقعد الخلفي، فرماني بقلم، فركضت نحوه واستفسرت منه عن السبب، فأجابني بأنه يفعل كل ما في مزاجه، وقفنا أمام بعضنا، وبدأ في شد قميصه، وما هي إلا ثوانٍ ليسقط على الأرض، عندها اعتقدت أنه مغمى عليه، لتتدخل إدارة المدرسة وتنقله إلى أقرب مركز صحي”، لكن ما إن خرج من المدرسة حتى قرر زيارته عصرا في المستشفى التي نقلوه إليها لاحقا، : “عدت إلى منزلي لأرتاح قليلا، لأجد الشرطة تطرق الباب تريد القبض علي، بدعوى اتهامي بقتل زميلي”، عندها سمع صرخة مدوية من أمه وكأنها أيقنت أنه لن يعود إلى المنزل ثانية، ليجد نفسه مطلوبا للقصاص: “لكن عشمي أن يفك الله كربتي، وهنا أناشد أسرة زميلي الراحل، بأن يصفحوا عني، ويعلم الله انني لم أقصد إيذاء زميلي فما بالك بقتله، ولم يعد في تفكيري الآن إلا المحافظة على صلاتي وتلاوة القرآن”. دليل الدم وإذا كانت مرارة الانتظار تجمع القتلة الثلاثة، فإن الحال لا يختلف كثيرا عند (م.ض) الحدث الذي يصل عمره إلى 16 عاما، قضيته سرقة، وبداية انحرافه عن طريق رفقاء السوء: “ كنت في البداية أقوم بالسرقة من محال التموينات، وبعدها تطور الأمر إلى السيارات وشيئا فشيئا أصبحت متخصصا في سرقة المنازل، لكنها كانت المرة الأخيرة، إذ دخلت منزلا وسرقت من الداخل مبلغا يقدر بنحو أربعين ألف ريال، ومصوغات ذهبية، ومسدسا، لكن قدمي خلال خروجي علقت في النافذة فجرحتها، حتى نزفت، لكنني لم أعر الأمر اهتماما، وتمكنت من الخروج، ولم يدر في خاطري أن هذا الدم سيكون الخيط الذي سيقودني إلى دار الملاحظة، ليتم القبض علي بعد أيام قليلة، وهنا لا ينفع الندم”، لكنه عاهد الله تعالى بعد خروجه ألا يعود إلى أفعاله السابقة مهما حصل. ندم المخدرات أما (ف . ش) 17 عاما ، فقضيته مخدرات: “كنت أواظب على تعاطيها مع زملائي، وفي مرة اتجهنا إلى البحر لإكمال السهرة، أوقفتنا نقطة تفتيش، وبالبحث عثروا على ما لدينا، لتتم الإدانة، وأنا نادم على كل ما حدث وأعترف بأنني دنست سمعة أهلي، لكنني ويعلم الله تبت الآن”. حالات التعذيب ويتذكر (س غ) 19 عاما، مرارة الفاحشة التي وقع فيها بخادمة آسيوية، تناوب عليها ورفاقه على مدى أسبوع في استراحة مهجورة في الحرازات، حتى تم القبض عليهم، بمعرفة شخص تعرف على السيارة التي اختطفوا بها السيدة. فيما عاش (أ.ي) 14 عاما، حالة عقوق الأب، لأنه: “بعد طلاقه والدتنا، وزواجه من إفريقية، تجرعنا مرارة التعذيب منهما، فحرقوني وأخي الذي فر من المنزل بلا رجعة، وعندما هربت ونمت تحت الجسور، قيد والدي ضدي هروب ليقبض علي ويعيدني إلى عصمة زوجته لتعيد تعذيبنا، وإني لأفضل البقاء في الدار عن العودة إلى المنزل”.