رفضت جهة حكومية منع أول تصريح لموقع إلكتروني خيري تخصص في تقريب قلوب المعاقين والمعاقات، تحت شعار“الجمع بين رأسين بالحلال”. ولم يثن قرار الرفض، وعدم التعاون من تلك الجهة، مالك الموقع من المضي قدما في عمله الخيري، وإن كانت الكثير من الصعوبات العملية باتت تطفح على السطح، منذرة بوجود ما يمكن تسميته الجهل أو التلاعب بمشاعر المعاقين والمعاقات، حيث آثر عريس سوي حاصل على الدكتوراه الفرار بجلده من الاقتران بمعاقة حركيا، فور رؤيته إعاقتها، وبعد ستة أشهر من التقرب واصطناع الجدية في الزواج من معاقة، الأمر الذي كرس الفجوة بين الأصحاء والمعاقين، في وقت لا تزال فجوة الأهل تمثل عائقا أمام مثل تلك الزيجات بغلاء المهور أحيانا، وعدم التفهم بخيرية العمل أو جدية الزواج الإلكتروني في أحيان أخرى. ولم يكن العنوان العريض“الخدمة مجانا”، الذي أتاحه الموقع في واجهة صفحته الرئيسية، إلا تأكيدا على خيرية العمل، وأن الغرض منه ابتغاء وجه الله تعالى، ولمنع المزايدات، ولعدم تكرار فكرة الخاطبات سواء ذات الشخصية التقليدية، أو تلك التي تطل على الشبان والشابات بشخصية اعتبارية من خلال مواقع الإنترنت. لكن“موقع أفراح الشيخ خالد”، الذي وجد له صدى أخيرا، ولاقى القبول إلى الدرجة التي وصل فيه عدد المسجلين إلى الرقم 3637 شخصا، في غضون مدة وجيزة، نأى بنفسه عما يمكن أن يعطل المسيرة سواء من قبل من يتلاعبون بمشاعر ذوي الإعاقة والحاجات الخاصة، أو من يعتبرونه امتدادا لمواقع التعارف الشبابية، فيغمزون بالأرقام لعلها تصطاد لهم“اللئام”، إلا أن ما يرهق الشيخ خالد الفواز، صاحب الموقع عدم الجدية التي لا يمكن كشفها إلا بعد فوات الأوان، ومع ذلك“يتم الفرز بدقة، لعل وعسى يوفقنا الله تعالى في كشف المتلاعبين بمصير المعاقات”. تصريح ممنوع قبل خمس سنوات كانت بداية الفكرة، تدور في عقل الشيخ خالد، ردا على سؤال أعياه طويلا..“كيف نقوم بعمل خيري، نتقرب به من الله ونرضي به شريحة واسعة من الناس؟ من هنا ولدت أفراح التي تحمل لافتة زواج ذوي الاحتياجات الخاصة، كأول موقع في الشرق الأوسط يعنى بهذه الفئة، ويقدم خدمته دون أي مقابل، حتى وصل تعداد من يتم التوفيق بينهم بالحلال معدل 40-50 حالة سنويا”. وأضاف“تعاوني مع مكاتب الزواج فتح لي نافذة الشعور بألم هؤلاء، إذ إن العشرات من هذه الفئة ينتظرون في القوائم، ولا يلتفت إليهم أحد، حتى من تلك المكاتب، التي كانت تعتمد على جمهور الأسوياء، عندها قررت أن أجمع المغلوبين على أمرهم –إن صح التعبير- وفتحت مكتبا خاصا لهؤلاء، بما فيهم إعاقات الأمراض كالسكري ونحوه من إصابات الحروق أو الحالات النفسية، وحاولنا الحصول على تصريح للمكتب، وإزاء رفض الجهات المختصة اكتفينا بالعمل من خلال الموقع”. ويعترف الشيخ خالد بأن البداية لم تكن بالشكل المرضي، فلم يتجاوز عدد الحالات الثلاثين حالة، لكن بعد السنة الأولى، انهالت العروض من الجنسين، سواء من داخل السعودية أو من الخارج، بإجمال وصل إلى 3600 متقدم ومتقدمة، الأمر الذي دعانا لتكثيف الفرز في محاولة لإبعاد أصحاب الضمائر الباهتة، بالإضافة إلى التشخيص الكامل للمعاقين قبل الزواج ليتلاءم الطرفين مع بعضهم البعض، حتى لا يصل الطرفان إلى طريق مغلق، ونحسب أننا نجحنا في التوفيق بين ما يصل لخمسين حالة سنويا، سواء طرفاها أو أحد أطرافها من المعوقين، والطرف الآخر من الأسوياء”، مشيرا إلى أن نتاج بعض الزواجات ترضينا،“إذ يصر البعض على تسمية مواليدهم باسمي”. انسحاب الأسوياء وبين أن انسحاب بعض العرسان يسبب الكثير من المآسي النفسية للمعوقات، وهناك قصة مريضة السكر -22عاما- التي أسمت نفسها“صغيرة وبي من الحزن ما يهد الجبال”، والتي يأتيها العرسان الأصحاء، وما أن يعلموا بمرضها رغم أنه قد لا يعد إعاقة يهربون، لذا تقدمت للموقع للارتباط بمعوق يتفهم حالتها. وكذلك حالة المصابة بحالة نفسية التي فشل زواجها لثلاث مرات، للحالة التي تنتابها في ليلة الدخلة، فيهرب العريس السوي، لذا فضلت عريسا من ذوي الاحتياجات الخاصة، يكون من مرهفي الحس ليتفهم ظروف مرضها، وأغلب هؤلاء قلوبهم رقيقة كما تصفهم. غلاء المهور ورغم أن العمل خيري بالمفهوم الأشمل، والأطراف المعنيون في أمس الحاجة للدعم، إلا أن موقع “أفراح” لا يزال يصطدم بصخرة المهور التي تعوق التقارب بين العرسان، “فبعض الأسر لا هم لهم إلا الكسب المادي دون أي إحساس بنفسية ابنتها المعوقة، وقصة الموظف السوي الذي لا يمتلك إلا راتبا لا يتعدى 2000 ريال، خير مثال، إذ إنه بعد التوفيق بينه وبين معوقة حركيا قبلته وقبلها، كشر والدها عن أنيابه ليطلب 50 ألف ريال مهرا، فانفض السامر بلا زواج، واصطحبت المعوقة الحسرة”. زوج النت مرفوض أما عوائق الأهل الأخرى فتتمثل في أن بعض أسر الفتيات الأسوياء ترفض فكرة زواجها بمعوق، وحدث أن“سجلت فتاة سليمة راغبة في الزواج من أحد المعوقين، فتقدم لها شخص حسب مواصفاتها، وكانت إعاقته بصريا، ووافقت عليه وتحمسا للزواج، لكنها وجدت معارضة من أهلها، ما سبب له صدمة نفسية”. وأشار إلى أن العنوسة ربما كانت وراء إقبال فتيات سويات للزواج من معوقين، حيث إن هناك الكثير من المتقدمات أعلن رغبتهن خوفا من فوات قطار الزواج والارتماء في أحضان العنوسة. أما أنواع الرفض الثالث من بعض الأسر، فيتمثل في الجهل بجدية العمل، والزواج الإلكتروني بشكل عام، وقال:“قربنا بين فتاة معوقة وشاب سوي، اتفقا على جميع الشروط بمعرفة ولي أمرها، وعندما جاء موعد الخطبة استفسر الأب عن كيفية تعرف العريس على ابنته، فصارحه بأنه عبر موقع الزواج الإلكتروني، عندها ثار الأب، وطرد العريس وأعلنها صراحة أنه لو بقيت ابنته بلا زواج خير له من تزويجها عبر المواقع الإلكترونية”. طرائف الإعاقة ويذكر الفواز أنه من القصص الطريفة التي حدثت معه، أنه كان يعرف في حيهم شاب يعاني من عرج بسيط، وعندما فتح المكتب، راجعه الشاب وظهر بصورة لا يستطيع معها السير نهائيا، في محاولة لضمه لقائمة ذوي الاحتياجات الخاصة، وتزويجه. وفيما دعا الفواز المجتمع لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، في توفير فرص عمل لهم،“أغلبهم يأتون إلينا طالبين الزواج، لكنهم دون عمل، بعدما اجتهدوا في الحصول عليه”، مشيدا برجال أعمال خاطبوا الموقع للمساهمة في العمل الخيري، من خلال عروض للعرسان، والتكفل بتأثيث عش الزوجية، أو مراسم الزواج.