أطلق طلاب وخريجو جامعات حكومية بنظام الانتساب، أخيرا، حملة إلكترونية لتمكينهم من العمل بوزارة التربية والتعليم وإكمال دراستهم في وزارة التعليم العالي من دون تمييز في الدرجة العلمية بينهم وبين طلاب الانتظام، مطالبين وزارة التربية والتعليم باعتماد المعدل كأساس للمفاضلة، وحمّلوا جامعاتهم مسؤولية بقائهم من دون وظائف، خصوصا أن كثيرا منهم يدفعون رسوما للدراسة الجامعية ويدرسون المقررات ذاتها التي يدرسها نظراؤهم من الطلاب المنتظمين. وهذه الحملة جزء من معاناة كثير من الشباب، سواء الخريجون الجامعيون أو الذين لم يواصلوا مسيرتهم التعليمية، حيث بالإمكان استيعابهم في كثير من الوظائف التي تناسب مؤهلاتهم وقدراتهم ومساعيهم الجادة للعمل والحصول على وظائف، غير أن الأبواب توصد من دون مبررات تقنعهم وإنما تقعدهم يأسا وحسرة. حملة لرفع الظلم يقول عبد الله الشمري مشرف الحملة الإلكترونية: إن طلاب الانتساب أوصدت في وجوههم أبواب وزارة التربية والتعليم بعد استثنائهم من التقديم على وظائفها، باستثناء تخصص اللغة الإنجليزية، وهو ما دفعهم لإطلاقها للمطالبة بتمكينهم من العمل بالوزارة، كونهم يحملون شهادات وخبرات لا تختلف عن الطلاب المنتظمين. ويضيف: “زيادة على تمييز الوزارة ضدنا مارست وزارة التعليم العالي السياسة نفسها بحرمانها طلاب الانتساب من إكمال دراستهم العليا، مهما كان معدلهم كبير، وكذلك وزارة العدل التي تميز طلاب الانتظام على الانتساب”. ويطالب الشمري الجهات التي تفرق بين طلاب الانتساب والانتظام بعدم تجاوز الحد المعقول والتمييز بين جميع الخريجين على أساس النقاط، مستغربا من النظام الذي همش المنتسبين على الرغم مما تحملوه من عناء للحصول على شهاداتهم، وحرمهم من ميزات عدة حصل عليها الطلاب المنتظمون كالمكافأة الجامعية، وتخفيض التذاكر، مشيرا إلى أن بعض تخصصات الانتساب يتم قبولها بينما يتم رفض تخصصات أخرى، ما يعني أن العلّة ليست في الشهادة. وذكر الشمري أن الهدف الرئيسي من الحملة رفع الظلم عن طلاب الانتساب من قبل جميع الجهات، من خلال الإعلان عن الحملة في جميع وسائل الإعلام التي يمكن أن تصل لها، وإيصالها لجميع المنتسبين في الجامعات عن طريق إرسال رسائل الجوال والإعلان في مواقع المنتديات الجامعية، إضافة إلى اجتماع المنتسبين في جميع المناطق والتوجه بمظلمتهم لديوان المظالم. قرارات عشوائية أما أبو عمر الرشيدي، أحد المشاركين في الحملة فيستغرب قرار وزارة التربية والتعليم ضد طلاب الانتساب، متسائلا: “كيف أصبحت المفاضلة بالتعيين تنتفي مع نظام ألزمتنا به وزارة الخدمة المدنية جيلا بعد جيل؟”، مشيرا إلى أنه حصل على دبلوم من الكلية التقنية قبل سبع سنوات ولم يحصل على وظيفة حكومية بحجة ضرورة وجود شهادة خبرة مصدقة من التأمينات، ودورات تدريبية لزيادة النقاط في المفاضلة. ويقول: “بعد حصولي على ذلك توظفت على مرتبة لا تحتاج إلى شهادة ابتدائية، لكني بقيت سعيدا جدا بما حصلت عليه من دورات وشهادات إضافية على مؤهل الدبلوم بأمل أن الخير قادم، لكن ما حصل بعد ذلك أن شهادات الخبرة والدورات لم تعد لها حوافز، ولا تحتسب في نقاط المفاضلة، وبعد أن توجهت لإكمال دراستي للحصول على شهادة البكالوريوس أصدرت الوزارة قرارها بعدم قبول خريجي الانتساب”، مشيرا إلى أن القرارات العشوائية التي تتغير بشكل مستمر تحرم كثيرا من الأشخاص ما يستحقونه من درجات وظيفية. مسؤولية الجامعات وترى الطالبة منى عبدالله، إحدى المشاركات في نشر الحملة أنهم يعملون على تسليط الضوء على معاناة خريجي وطلاب الانتساب وما يجدونه من تمييز من قبل عدد من الوزارات، وأهمها وزارتا التربية والتعليم والتعليم العالي اللتان هما بالأساس مسؤولتان حقيقيتان عن مخرجات الجامعات الحكومية. وتقول: “طلاب الانتساب مثلهم مثل طلاب الانتظام، يدرسون المقررات ذاتها ويُختبرون من قِبل الأساتذة أنفسهم، إضافة إلى تحملهم مصاريف دراستهم كاملة من رسوم جامعية ومصاريف مواصلات وسكن، وكل ذلك من أجل الحصول على شهادة جامعية تخدمهم في بناء مستقبلهم”، مستغربة صمت الجامعات التي هي بالأساس مسؤولة عن طلابها وخريجيها، ومن حقهم عليها أن توضح لهم المكانة العلمية لشهاداتهم قبل الحصول عليها، فلا يوجد أي بند في أي جامعة يشير إلى أن طلاب الانتظام مفضلون على أقرانهم في الانتساب، سوى بعض التخصصات العلمية التي لا يمكن دراستها بنظام الانتساب، مطالبة بإلغاء عبارة “انتساب” من شهادات الخريجين إذا كانت سببا لإقصائهم عن العمل في بعض الدوائر الحكومية وإكمال دراستهم العليا. تفصيل وظائف ويتراوح الهم بين الباحثين عن الوظائف ويطولهم من دون استثناء، فجميعهم يتنشقون العطالة، وإن اختلفت أسبابها، تقول نورة علي: “عُرض علي كثير من الوظائف الطبية بسبب خبرتي ودراستي في الخارج، ولكن لم تناسبني بسبب المكان والوقت الملائم لعملي، فأنا أحيانا أعمل في القطاع الخاص لتلبية احتياجاتي للمظهر والديكور لمكان العمل، ولا يهمني الراتب”. بينما تقول ندى الشهري: “أنا عاطلة وأنتظر الوظيفة المرموقة مع أني لا أمتلك إلا الشهادة الثانوية، وأتمنى أن تكون الوظيفة مناسبة للمظهر وبراتب عال بحيث يكون أعلى من المصروف الذي أتقاضاه من أبي”. أما سلطانة فتقول: “أنا عاطلة حتى تتاح لي الوظيفة المطلوبة، كما أنني صاحبة (طلعات) وأسواق، ولا يكفيني مصروف أبي، والوظائف التي يمكن أن تطرح علي يجب أن تكون براتب عال وإلا فلا، وليس ذلك كبرا أو غرورا ولكنه الحد المناسب”. رواتب غير مقنعة ويتمنى أحمد عوض أن تطرح عليه وظيفة في الطيران السعودي يخدم بها وطنه، إلا أنه يفضل الوظيفة الميدانية على المكتبية حتى يتمكن من التعامل مع الموظفين إذا فكر بالعمل المكتبي. ويشير صديق المالكي إلى أن المظهر الاجتماعي قد يؤثر في العمل أو الوظيفة التي تتناسب معه، وتكون مريحة في الوقت ذاته. ويقول فهد الخليوي: “طرحت علي فرص وظيفية كثيرة، آخرها قبل أيام وأعجبني فيها أنها بنظام (الشفتات) وبراتب جيد جدا، ولكن شروطها معقدة بعض الشيء بحيث إذا حصلت مشكلة مني أو لم أرد الوظيفة ومللت منها يكون هذا إخلالا مني بالعقد وأدفع مبلغا وقدره...، إضافة إلى أنه إذا حصلت على عروض أخرى فلا يحق لي ترك الوظيفة”. وكذلك حصل عبدالعزيز البخيت على عدة وظائف بالقطاع الخاص وبرواتب في نظر الآخرين تبدو عالية، ولكن في نظره لا تفي بالغرض، مع أنه أعزب ولا ينتفع بالراتب أحد غيره، ولكنه يريد أن يكون دوام الوظيفة من بعد العصر وحتى الساعة العاشرة ليلا. ويقول ثامر العبيلان: “أغلبية الشباب السعودي غير ملتزمين بالدوام، ولا يمتلكون خبرات كافية، ولذلك أؤيد الأجانب مع أني أرى أن الأولوية للشباب السعودي القادم من الخارج، مع العلم بأني لا أعمل”.