أثار حديث الشيخ صالح اللحيدان المستشار القضائي الخاص والمستشار العلمي في الجمعية العالمية للصحة النفسية في الخليج والشرق الأوسط ل “شمس” أمس الأول ردود أفعال واسعة بشأن تحديد سن قانونية للمحاميات السعودية، واشتراطه أن تكون من القواعد وهن النساء اللاتي لا يرجون نكاحا، كمن هن فوق سن الخمسين، وتأكيده ضرورة اشتراط المحرم، وهو ما اعتبره بعض العاملين في مجال المحاماة تعجيزا، مطالبين في الوقت نفسه بضرورة التريث وعدم استباق الأحداث، خصوصا أن المشروع لم يتبلور بعد وهو في طور الدراسة لدى وزارة العدل التي ستكون حريصة وقادرة على تنظيم عمل المرأة في أي من القطاعات التي تشرف عليها. لا مجال للخلوة اعتبرت سعاد الشمري (محامية وناشطة حقوقية وأول سعودية تترافع في المحاكم) رؤية الشيخ صالح اللحيدان القضائية التي أتت على شاكلة اشتراطات معينة لممارسة المرأة مهنة المحاماة كوجود المحرم مع المحامية أثناء ترافعها وأن تكون من القواعد من النساء، بالرؤية المتزمتة التي تسير ضد السياسة الإصلاحية وضد حاجات المجتمع وحركة التنمية. وأضافت الشمري أن هذه الاشتراطات ضد سماحة الإسلام وروحانيته وعالميته، والذي يتسم بالحياة التشاركية بين الرجل والمرأة في إعمار الأرض، مستنكرة اشتراط المحرم على المحامية في مكان مشترك فيه العامة من الناس وهي المحاكم، بقولها: “هل ستكون المحامية في خلوة أثناء ترافعها ومقابلتها القاضي؟ وهل سيغلق عليها أربعة جدران حتى يشترط المحرم لمزاولة مهمة الترافع؟” معتبرة اشتراط المحرم ما هو إلا تغليب للظن السيئ وعلم الفرضيات. رفض للمرأة وأشارت المحامية والناشطة الحقوقية إلى أن تعطيل نظام مزاولة المرأة للمحاماة بحجج واهية تدل على السلطة الذكورية المتشددة التي حرمت النساء لسنوات طويلة من أخذ حقوقهن في ساحات المحاكم، لاسيما وجود قضاة لا يقبلون الحديث مع المرأة إلى جانب المجتمع الذي يرفض أن يرى امرأة تمشي في ساحات القضاء ويتم على أثر ذلك استغلالها في قضاياها التي تأخذ وقتا طويلا للبت فيها فضلا عن جهلها بالأنظمة وحركتها الصعبة. سن النسيان وأوضحت سعاد الشمري أن هذا الرأي يقابله رأي أكثر بصيرة أطلقه إبراهيم الحقيل رئيس ديوان المظالم حيال ترافع المرأة عن نفسها بعدة طرق، منها كشف وجهها للتعريف حيث إن تغطية الوجه محل خلاف، أو تحضر معرفين لها أو توكل. أما فيما يخص اشتراط أن تكون المحامية من القواعد من النساء، فتساءلت الشمري عن جدوى ترافع امرأة في هذه السن بقولها: “كيف تترافع امرأة في الستين أو الخمسين؟.. وما هي اللوائح والمواد التي ستحتفظ بها ذاكرتها؟”. خطوة للإصلاح وعن قرب إصدار نظام يسمح للمحاميات بمزاولة المهنة تقول: “لولا المطالب باقتحام هذه الأسوار لم تستجب وزارة العدل وتعطها هذه الفرصة التي تتيح للمجتمع أن يتطور ويتمخض عنه جيل من القضاة يتحاور مع المرأة ويتقبل التفاهم معها، لأن صاحبة القضية في ظل وجود بعض القضاة يرفض أن تدخل عليه امرأة صاحبة القضية وكأنها كائن شرير”. مشيرة إلى أن هذا النظام من ضمن خطة الإصلاح القضائي التي بقيت بالأدراج من عام 1426 والتي بمجرد خروجها استشبر الناس خيرا وخصوصا فئة المحاميات للدفاع عن النساء المظلومات اللاتي يشكلن ما نسبته 70 في المئة من مرتادي المحاكم الشرعية في السعودية. لا تستعجلوا من جهته، أكد سعد الوهيبي مستشار قانوني ورئيس المركز الاستشاري للدورات القانونية أنه لم يحن الوقت حتى الآن لنزول المرأة السعودية كمحامية إلى منصات القضاء لأنه يوجد هناك مسلّمات اجتماعية لم تستوعب هذا الأمر حتى الآن. وطالب المرأة السعودية بالتريث وألا تتسرع في طرح نفسها كمحامية بشكل كامل، وذلك حتى لا تصاب بخيبة أمل باعتبار أنه قد لا يأتي إليها أحد وتعتبر ذلك فشلا.. وهو ليس فشلا بل هو رؤية جديدة للمجتمع السعودي لم تكتمل حتى الآن. القاضي.. وليها وفيما يخص مطالبات الشيخ صالح اللحيدان بالمحرم للمحامية، وأن تكون من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحا علق الوهيبي قائلا: “هناك من يمثل محرما لهذه المرأة في المحاكم وهو القاضي. فالقاضي ولي لمن لا ولي لها، وبالتالي هي ليست ذاهبة لسوق أو مجمع تجاري أو ما شابه ذلك بل داخل مرفق قضائي له احترامه وأمام هيئة قضائية تمثل وليا لمن لا ولي له”. وأشار الوهيبي إلى أن عدد المتدربات في المركز الاستشاري الذي يرأسه تجاوز ال 50 متدربة، موضحا أن المتخرجة حديثا لا ينقصها سوى التدريب العملي فقط، وقال: “إننا طلبنا من بعض الجهات الحكومية السماح للمتخرجة بالحضور في بعض القضايا التي تكون المرأة طرفا فيها، وقد سمحت لنا إمارة منطقة الرياض بذلك وفي انتظار رد الجهات الأخرى”. دراسة فقط وطالبت نشوى سراج المستشارة القانونية بالقسم النسائي بمحافظة جدة بعدم الاستعجال في وضع ضوابط وشروط، فالمشروع ما زال في قيد الدراسة ولم يطرح على أرض الواقع بعد، ملمحة إلى أن الصورة ما زالت ضبابية، متمنية في الوقت نفسه أن يتاح للمرأة مزاولة مهنة المحاماة بشكل كامل وعدم حصرها في قضايا الأحوال الشخصية فقط.