لا بد أن يشعر الزائر لقرية الأصفاء (170 كيلو شمال مدينة أبها) بفرح يكسو تلك القرية الوادعة جنوبا، وهو الفرح الذي يمتزج بزخات المطر المتناثرة على جبالها ومبانيها الصغيرة ومزارعها التي تشع خضرة وجمالا، أضافت إليه عودة ابنها البطل أحمد عبدالله العمري إلى أرض الوطن، ابتسامات مشرقة في وجوه الأهالي وهم يستقبلون “شمس” وهي تشاركهم أفراح العودة والبطولة. انقطاع 3 شهور في الرياض أوضح محمد عبدالله ظافر العمري والد الأسير الذي عاد إلى البلاد مساء أمس الأول، وكيل رقيب أحمد العمري أحد منسوبي الكتيبة الخاصة ال85، أن الذود عن حمى الوطن الذي يعيشون فيه وينتمون إليه محل فخر واعتزاز، مضيفا أن أبناءه لم يبلغوه بالحقيقة حول انقطاع أخبار ابنه “السادس” أحمد (27 عاما)، وكانت الروايات تختلف ظنا منهم أن ذلك سيؤثر في حالته الصحية والنفسية. وقال العمري: “أشقاؤه الذين كانوا يبحثون ويتواصلون مع جهات الاختصاص دون علمي، أبلغوني بروايات مختلفة في بداية الأمر منذ انقطاع أخباره منذ ثلاثة أشهر، إلى أن أبلغني ابني الكبير أنا ووالدته، عن هذا الأمر؛ مما جعلني أشعر بالفخر بأنه أحد الأبطال الذين استبسلوا دون حدود من أجل هذه الأرض المباركة التي قدمت لنا الكثير، وندين لها بالكثير، ونعيش في خيراتها، فأنا وأبنائي جميعا فداء للوطن”. وأشار إلى أنه تم التواصل مع الجهات المعنية، وأخبروه أن القيادات الوطنية تتابع كل صغيرة وكبيرة؛ مما دفعني إلى الشعور بالارتياح، وأضاف العمري أن علاقته بابنه أحمد تتسم بالكثير من الاحترام المتبادل، وقال: “أحمد ضحى كثيرا من أجل عائلته، وهو بار بي وبوالدته، وعلى خلق رفيع”. وأكد والد الأسير العائد أنه منذ صغره كان من الملتزمين سلوكيا، والمتفوقين دراسيا إلى أن التحق بالعمل في الجيش السعودي عام 1423، وتم تعيينه في قاعدة الملك خالد العسكرية في حفر الباطن قبل أن يتم تحويله إلى القوة الخاصة في تبوك. وقال العمري: “ابني ليس متزوجا أو خاطبا في الوقت الحالي، وسأزوجه عقب خروجه من المستشفى ليستقر نفسيا ويكمل نصف دينه، فهو مشرف، ويجب أن يبني أسرته بعد أن يمن الله عليه بالخروج من المستشفى”. مضيفا أن والدته انهارت نفسيا عقب بلوغ خبر أسره لها، ولزمت أحد أركان المنزل تجهش بالبكاء طيلة الثلاثة أشهر الماضية حتى وردها خبر عودته”. واستطرد: “النساء ينظرن إلى هذه المسألة عاطفيا، فيما كنت أنظر إليها على أنها من الأمور التي منحنا الله إياها لنفتخر بها، فجميع أبنائي في السلك العسكري بالإضافة إلى شقيقه صالح الذي هو حاليا في الميدان العسكري على الحد الجنوبي لخدمة تراب هذا الوطن، وأنا عملت سابقا لمدة 30 عاما عسكريا في وزارة الداخلية، وجميع عائلتي عسكريون وهذا محل فخر واعتزاز”. ابني بطل من جانب آخر، آثرت والدة الأسير العائد عائشة محمد العمري (47 عاما) أن تتجه فور تلقيها خبر وجوده في السفارة السعودية باليمن، إلى مكةالمكرمة برا لأداء مناسك العمرة شكرا لله تعالى، وعقب الانتهاء من أداء العمرة توجهت إلى العاصمة الرياض برا برفقة شقيقه وشقيقاته للالتقاء به في المستشفى العسكري بمدينة الرياض لتعلن خصامها مع النوم طيلة هذه الفترة. وقالت: “لن أنام حتى ألتقي به ولن يهدأ لي بال حتى أراه وأقبل جبينه”، مضيفة أنها تفتخر بابنها الذي وصفته بالبطل”، وتابعت: “هذا اليوم وعودته بمثابة عيد بالنسبة إلي”. متابعة وحفاوة وقال محمد عبدالله العمري (32 عاما) شقيق أحمد وأحد منسوبي الدفاع المدني: إنه ظل متواصلا مع الجهات ذات الاختصاص بإمارة منطقة جازان حيث أخبروه بأن شقيقه أحد الأسرى، وذلك بعد وجود مقطع له على “اليوتيوب”، وطمأنوه بأن الحكومة السعودية تتابع جميع الأحداث، وتعمل على استعادة جميع الأسرى، مضيفا أن المسؤولين في الإمارة ووزارة الدفاع والطيران استقبلوا الأهالي بحفاوة بالغة، وأمنوا لهم سبل الراحلة والتواصل المستمر معهم حتى هذه اللحظة. وقال العمري: “تلقيت اتصالا عصر أمس الأول من السفارة السعودية بصنعاء يفيد بوجود شقيقي لديهم، وهاتفته وأخبرني أنه سينقل إلى الرياض حيث توجهت برفقة أشقائي ووالدي إليها ووجدنا استقبالا كبيرا من الجهات ذات الاختصاص التي وفرت لنا السكن”. وأوضح أن شقيقه أحمد منذ صغره اتسم بالشجاعة، وضحى بإحدى البعثات الخارجية، وكان أمام خيارين: الانتقال لكتيبة القوة الخاصة أو المغادرة لبعثة خارجية للولايات المتحدة، إلا أنه اختار الانتقال لتبوك للانخراط في أعمال الكتيبة، وكان من المقربين للمقدم سعيد العمري الذي استشهد في الميدان، مضيفا أنه حاول المراوغة في إخبار والديه إلى أن يتم التأكد من وضع شقيقهم، ولكن بعد ذلك أخبرهم بالحقيقة التي لا مفر أو مناص منها. وأكد عبدالله محمد العمري (45 عاما) خال الأسير أنه كان منذ صغره من الشباب الملتزمين سلوكيا وبارا بوالديه وأقاربه، كما قال سعيد العمري (27 عاما) خال الأسير: إنه من المميزين، وأحد أبطال رياضة الكاراتيه، التي حصل فيها على أحزمة، مشيرا إلى أنه يتسم بالشجاعة منذ صغره، وشكلت عودته منعطفا كبيرا في حياته للتفكير في العطاء لهذا الوطن الذي قدم الكثير لنا كمواطنين.