لم يجد مجموعة من الباعة الجائلين في المنطقة الشمالية مكانا مناسبا لعرض منتوجاتهم وبضائعهم سوى الطرق السريعة المؤدية إلى بلدان عربية مجاورة، وذلك خوفا من الرقابة المشددة التي تفرضها الجهات المختصة عليهم، كونهم غير مخولين بالبيع، ولعدم نظامية ما يقومون به. وينتشر الباعة المتجولون على امتداد الطرق المؤدية إلى بلاد الشام، ويستهدفون بشكل كبير المسافرين إلى سورية والأردن، ويعرضون أمامهم البضائع الشامية في مغازلة صريحة لهم، حيث يقدمون الحلويات والأطعمة والملبوسات الشتوية والمفارش والتحف وألعاب الأطفال، ويتنقل هؤلاء الباعة بسياراتهم بشكل مستمر، فتجدهم على أطراف المدن ومداخلها يحرصون على لفت أنظار الزبائن من خلال لوحات وشعارات يزينون بها مركباتهم، ويقول المواطن محمد الديري: “أحرص على كسب الزبون من خلال الحرص على نظافة الموقع الذي أعرض فيه بضاعتي وترتيبها بشكل يجذب المارة لها”. وعن المضايقات التي يتعرضون لها يوضح: “أكثر ما نعانيه هو منع البلديات لنشاطنا وما نقوم ببيعه رغم أن السلع التي نبيعها من مصانع معروفة وتحمل تواريخ صلاحية جديدة، وسمحت بدخولها المنافذ السعودية بعد تفتيشها بدقة.. فلماذا كل هذا التشديد والتضييق علينا في مصدر دخلنا الوحيد؟”. من جهته، يرفض المواطن عايد الشمري الشراء من هؤلاء الباعة بحجة أن بضائعهم الغذائية لا تُحفظ بشكل صحيح، فسياراتهم غير مجهزة لنقل المواد الغذائية، بينما أبدى أحد المواطنين رغبته في شراء الملبوسات الشتوية منهم لجودتها ورخص سعرها بالنسبة إلى ما يباع في الأسواق، وطالب المواطن سلطان العنزي أن يخصص مكان لهؤلاء الباعة يمارسون فيه تجارتهم ويراقَبون بشكل مباشر من الأمانات لضمان صلاحية بضائعهم، فيطمئن من يشتري منهم. وذكر البائع المتجول أبو سعيد الحاج أنهم يحرصون على زيادة عملهم في الشتاء لأن ذلك يتيح لهم بيع الملابس الشتوية التي تعرف بغلاء أسعارها، وبين أبو خليل أنهم يتنقلون بين المدن بحثا عن الرزق، وقال: “لا نعود إلى أهلنا إلا بعد بيع الكميات التي نحملها معنا، التي تطول في بعض الأحيان وتكلفنا التنقل في أكثر من مدينة”، ويتحدث بائع آخر عن معاناتهم في السعي وراء أرزاقهم قائلا: “نتعب كثيرا من أجل لقمة العيش، فنحن نتنقل بين عدة مدن، وقد لا نجد فيها رزقا، فنبحث عنه في غيرها، ونجد من يقطع رزقنا بمنعنا من البيع في المدن، ونعاني برودة الجو التي تجمدنا على أطراف المدن الشمالية”.