لا يخلو البريد الوارد في أي جهاز جوال هذه الأيام من عدد هائل من الرسائل، وذلك على أثر عرض لإحدى الشركات، فهب أغلب الناس ودب فيهم هوس الإرسال إلى حد إرسال رسائل عديمة المحتوى، فضلا عن المضمون، ووجد أصحاب الطرائف فرصتهم في إظهار مواهبهم في الإضحاك والإسفاف، وتحول المجتمع فجأة إلى مجتمع ظريف وصاحب نكتة بعد أن كان حبيس الرسمية والتجهم. وفي الطرف الآخر حاول الواعظون منافسة فريق خفة الظل وأخذوا يرسلون النصائح والتذكير والمقاطعة بشكل لم يسبق له مثيل، وذيلوها بعبارة: انشر تؤجر. وبعضها اعتمد على أسلوب الترغيب للذي ينشر، والتهديد للذي لا ينشر، وهذه الثورة التراسلية تشبه ثورة بركان له سنون وهو يغلي من داخله، ولما فتحت عنه فتحة صغيرة سرعان ما انفجر من شدة الضغط وأظهر حممه، وهذه الحالة تتطلب تدخل الأخصائيين النفسيين والمرشدين الاجتماعيين والدعاة المعتدلين لرصد الحالة وتشخيصها ومعالجتها من خلال القنوات الإعلامية وتوعية المجتمع بضرورة الاعتدال في الاستخدام، واقتصارها على الحاجة. من ناحية أخرى، قد تعبر هذه الثورة عن عدم رضا العامة على أسعار الرسائل وأنها غير عادلة مقابل الخدمة البسيطة، وهناك من يرى أهمية مراجعة أسعار الخدمات بين فترة وأخرى في ظل المتغيرات السعرية ورخص التكلفة بالنسبة إلى المشغل، التي لم تنعكس على سعر احتسابها على المستفيد النهائي الثائر.