كشف الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العليا للسياحة والآثار، للمرة الأولى، عن إنشاء هيئة مستقلة للتراث الوطني يندرج تحتها هذا التراث، وأكد انطلاق الهيئة في خطة وطنية، في مقدمة أولوياتها توثيق ما يزيد على عشرة آلاف موقع أثري وتاريخي. وأعلن خططا مستقبلية لرعاية الآثار والسياحة في السعودية، في خطوة وصفها بخروج الآثار من حفرة الآثار. مؤكدا أن هناك توجيهات سامية بالاهتمام بالمواقع الإسلامية، منها بعض المساجد القديمة في المدينةالمنورةوجدة، إضافة إلى بعض المواقع الأثرية الموغلة في القدم. جاء ذلك في حفل التكريم الذي نظمته اثنينية خوجة له أمس الأول، والذي تحدَّث في بدايته عبدالمقصود خوجة، راعي الأمسية، معزيا في المصاب الجلل الذي أصاب جدة نتيجة كارثة الأمطار والسيول التي خلفت عددا من الشهداء، مثمنا موقف خادم الحرمين الشريفين مع أبنائه بإصداره توجيهاته الصارمة بتكوين لجنة لتقصي الحقائق مع كل من يلزم كائنا من كان، وواسى المكلومين بتعويضات. مؤكدا تضامن أهل جدة الكامل مع الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة؛ لتعود عروس البحر ومشاريعها إلى أفضل من سيرتها الأولى، مكتملة البنية التحتية التي تليق بجمال وبهاء رونقها المعهود. وأوضح خوجة أن الاثنينية ستعمل على تأبين كل من كرمتهم ممن رحلوا العام الماضي، وسيتم نشره عبر وسائل الإعلام. واستطرد مرحبا بالأمير سلطان بن سلمان بعد أن رافقته الاثنينية كأول رائد فضاء عام 1407ه، وفي أمسية خاصة عن المعوقين عام 2003، وقال: “التقيناه للحديث عن المعوقين، وجهود الأمير جلية في العمل الخيري، وارتباطه بالاثنينية هو خلاصة ربع قرن من التواصل المثمر؛ فقد رضع لبانة خدمة المجتمع من فج إلى فج، وهذا ليس بغريب عن فرع من دوحة سلمان الباسقة”. وأعلن دعم الاثنينية لجهود الأمير سلطان في كل ما يخص خدمة أهدافه السامية فيما يعود على الوطن والمواطنين بالنفع، وكشف عن تخصيص زاوية ابتداء من الأسبوع المقبل لأبنائنا وبناتنا المعوقين أسوة بغيرهم من الصم والبكم ممن يحضرون الاثنينية منذ أمد بعيد. وأضاف: “أمة بلا آثار هي أمة بلا هوية ولا تاريخ ولا حاضر أو مستقبل؛ لذا نجد الدول التي تأسست حديثا تسعى جاهدة في الحصول على آثار وتكرس التنقيب وتدفع الأموال للبحث عن الآثار، ومن هنا تم اكتشاف أكثر من أربعة آلاف موقع أثري، إضافة إلى آلاف القطع الأثرية المحفوظة في المستودعات بعد أن أسندت مهام الآثار والسياحة إلى الأمير سلطان”. مهمة صعبة وتحدَّث الأمير سلطان بن سلمان عن أهمية السياحة والآثار في السعودية ابتداء من خبر تكليفه بمهام السياحة والآثار كأمين للهيئة؛ حيث قال: “المهمة لم تكن سهلة بالنسبة إليّ؛ فالسياحة كانت معقَّدة بالنسبة إليّ وجمرة تحرقني؛ لذلك بدأنا في العمل الذي أستطيع وصفه بالمجاهدة؛ لأنه تعامل مع الجمهور بشكل مباشر، وكانت أولى الخطوات إنشاء هيئة مستقلة للتراث الوطني، يندرج تحتها هذا التراث، وهذا للمرة الأولى أعلنه”. ويضيف: “انطلقنا في خطة وطنية، يأتي في مقدمة أولوياتها توثيق ما يزيد على عشرة آلاف موقع أثري وتاريخي، منها64٣0 موقعا قابلا للتنمية السياحية، ومن بينها مواقع تمتلك مقومات تؤهلها للانضمام إلى قائمة مواقع التراث العالمي، مثل: مدائن صالح، الدرعية وجدة القديمة التي تضاهي في قيمتها وأهميتها مواقع التراث الثقافي المسجلة في العالم، وقد تفوق الكثير منها، كما يعد التراث الشعبي الحي والغني والمتنوع الذي تتمتع به السعودية من أهم المصادر القديمة والمهمة”. مشيرا إلى أن السعودية انضمت مبكرا إلى عضوية اليونسكو، والمجلس العالمي للآثار، ووقعت اتفاقيات حماية التراث العالمي الثقافي بوصفه مصدرا وطنيا، مع الالتزام بالمسؤوليات التي يتضمنها هذا التوقيع من وضع التنظيم المناسب، واللوائح التنظيمية المساندة، والبرامج اللازمة لتحديد الموارد وتنميتها وحمايتها. 5 متاحف جديدة وأشار الأمير سلطان إلى أن طلاب المدارس سيزورون المتاحف بعد توقيع اتفاقية قريبا مع وزارة التربية والتعليم بتطوير كامل للمفهوم العام لدى الأجيال المقبلة في المدارس في المراحل كافة فيما يخص التراث، والتراث العمراني، ويشمل ذلك زيارة المتاحف والمواقع التراثية؛ حيث نزرع في الأجيال حب الآثار. وأضاف: “لدينا خطط لإبراز الدور الأثري في السعودية رغم مفاجأتي بأن هناك سعوديين لا يعرفون تراثهم، وكل مواطن يجب أن يحتضن إرثه ويعترف به ويقوم بحراسة تلك الآثار بدلا من التسوير والبحث عن الحراسات، إضافة إلى ملاحقة السرقات؛ لذلك نريد أن نُحدث نقلة برفع مستوى المواطن في هذا الجانب، ونحن الآن في خطة لاستعادة ما اندثر من الآثار وتحويل المناطق التراثية إلى مناطق اقتصادية، ونقنع أهالي تلك الآثار بإنشاء الجمعيات التعاونية التي تسهم في تطوير المناطق الأثرية وجعلها مصدر دخل لهم في ظل انحسار الزراعة في أغلب القرى السعودية”. وأكد أن هناك نقلة نوعية فيما يخص المتاحف؛ حيث شدَّد على أهمية العناية بها وبالمباني التي تحتضنها، قائلا: “ننظر إلى إحداث نقلة في المباني؛ فكثير منها يشبه البقالات، ونسعى إلى أن تصبح متاحف حية تسترعي الجمهور، وسننشئ هذا العام خمسة جديدة ستُبنى بشكل مختلف وتُدار بكوادر وطنية”. وفيما يخص إقامة المعارض الأثرية في الخارج قال: “من المؤسف أننا لم نقدم أي معرض خارج السعودية، لكن في صيف العام 2010 سيتم افتتاح أول معرض عن أهم الكنوز الأثرية الوطنية في أهم قاعات اللوفر في أهم وقت من أوقات الذروة لمدة ثلاثة أشهر بناء على توجيهات خادم الحرمين الشريفين وخطاب دعوة من الرئيس الفرنسي ساركوزي، وهناك أكثر من ثمانية طلبات لتنظيم معارض في دول مختلفة من العالم، جميعها مدفوعة الثمن”. وأوضح الأمير سلطان أن العمل من خلال الهيئة واجهته جبهات عدة، تحدث عنها بقوله: “من أصعب الجبهات وزارة المالية، ومن أسهلها المواطن الذي أصبح يعي جيدا معنى الآثار”. وزف بشرى بأن خادم الحرمين أصدر قرارا يحسم موضوع التعدي على مواقع التراث الإسلامي في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، وحصر الآثار الإسلامية، ومن ذلك المساجد.