لم تعد للعم علي جعداري الهزازي ألحان يشدو بها غير لحن (الحزينة) التي يطلقها الناي الشهير الذي كان يشدو به فيما مضى من أيام في مهرجانات جازان واحتفالات المواطنين في محافظة الخوبة. وقادت ظروف النزوح العم علي إلى العيش في مبنى مدرسي بقرية المرابي (غرب جازان) لتلم شمله مع أبنائه البالغ عددهم 12 فردا في أحد الفصول، إضافة إلى عائلة شقيقه التي يبلغ عدد أفرادها العدد نفسه. ويشير من حوله بأنه عند سماع معزوفته المعروفة باسم (الحزينة) تستشف منه مباشرة آلامه وأحزانه وما بداخله من وحدة، فهو ابن التراث ولن يتخلى، فهو كما يقولون إرث حمله من الآباء والأجداد. العم علي جعداري الهزازي يكاد يكون الوحيد من كبار السن في المنطقة من يحمل عشق العزف على الناي، ويحضر مناسبات المجتمع العامة لكي يعيدهم لزمن آبائهم وأجدادهم. وبين أروقة مخيمات الإيواء كان العم الهزازي يستعيد الماضي مع كبار السن بمعزوفته الحزينة كتسلية لنفسه وتسلية لمن حوله لهذا الإرث الشعبي القديم الذي لن ينساه. ويشير إلى أن هذا الزمن ليس زمانه فهو يعزف لقلة تعشق التراث وإرث الآباء، أما البقية فتفضل فن هذا الزمن الذي يكاد يكون ماسخا وبلا معنى ولا قيمة. وأشار إلى أنه عشق العزف على الناي بدأ منذ الطفولة حيث كان راعيا للغنم كبقية الرعاة ولكن إصراره على العزف وتعلمه زاده ولعا في العزف، وهو ما أكسبه بعد ذلك الاسم المشهور كأفضل عازف في المنطقة ووصل به المطاف إلى تمثيل منطقة جازان في كافة مهرجاناتها الداخلية والخارجية. يشير العم علي بأنه يعيش حاليا فترة نسيان فهو يعاني فقدان البصر شيئا فشيئا، إضافة إلى معاناته من التهابات في لثته وهو طريح فراشه في منزله، الأمر الذي جعل الناس ينصرفون عنه ويتركونه يناجي معشوقته الوحيدة (الناي) حيث يقف أمام المسجل ويستحضر احتفالات قديمة ليعزف عليها على وقع الطبول فيها. ويشير إلى أن الحزينة والجمالة والبقارة والربشة والمعشى هي معزوفاته المفضلة، ويفضل دائما نغمات الحزينة التي تخرج من الذات لتعبر عن الحال فيما كان وكيف هو الآن.