اختفى وهج الأغنية الحجازية، ولم تعد تسجل حضورا كما كان في السابق وحتى سنوات قريبة، وتوارى رموزها عن الأنظار، ولم يعد لهم حضور على مستوى الألبومات الغنائية، فيما عدا الحضور البسيط في بعض المناسبات الخاصة، وقد يكون الغياب المر، نتاج الطفرة في شركات الإنتاج والقنوات الفضائية، وبُعدها عن هذه الألوان، والاكتفاء بالأغاني المستحدثة مع العنصر النسائي، فكل هذه العوامل كانت كفيلة بسحب البساط، وخطف الأضواء من الأغاني الحجازية وفنانيها، إضافة إلى ندرة المهتمين بالأغنية الحجازية في ظل غياب الدعم، وعلى الرغم من كل ما تتعرض له، إلا أن القليل من محبيها ظلوا يحاربون لبقاء هذا الفن، ويتمسكون بنتاجه عبر بعض المواقع الإلكترونية على استحياء.. عن هذا الموضوع تحديدا التقينا عددا من رواد الأغنية الحجازية، الذين تحدثوا بحرقة تنم عن عشقهم لهذا اللون الحجازي المفعم بالأصالة.. الفرق الشعبية قليلة في البداية، ذكر الفنان عمر العطاس صاحب فرقة أبوسراج، أنه يرفض مقولة “إن الأغنية الحجازية تراجعت”، وقال: “الأغنية الشعبية الحجازية لا تزال موجودة ومتوهجة، ولها الكثير من المتابعين والمستمعين، ولا تزال تطلب إلى وقتنا الحاضر”، وأضاف: “لا أعتقد أن الأغنية الحجازية تراجعت؛ بدليل أن هناك أغاني كثيرة تقدمها فرقة أبوسراج، وكذلك عدد كبير من الفنانين عادوا لتقديم أغانيهم الحجازية الشعبية السابقة، وهذا برهان على أن الأغنية الحجازية متوهجة وتحظى بشعبية ومتابعة، لكن المهتمين بالأغنية الشعبية الحجازية باتوا محدودين، بمعنى أن الفرق الشعبية باتت قليلة، وأصبح الحمل عليهم كبيرا ومضاعفا، فضلا عن عزوف بعض الملحنين عن تقديم ألحان جديدة”. الجمعية قلَّصت الفرق وبخصوص دعم جمعية الثقافة والفنون لهم كسفراء للأغنية الحجازية، قال: “الجمعية لها دور محدد حسب إمكاناتها وهي تجتهد وتقدم حسب الإمكانات المتوافرة لديها، لكن من ناحية دعم الجمعية لبقاء الأغنية الحجازية فأعتقد أنه مفقود؛ بدليل أنه كان هناك ما يقارب 14 فرقة شعبية في مدينة جدة تهتم اهتماما كاملا بالأغنية الحجازية والشعبية بصفة عامة، لكن تقلصت هذه الفرق الشعبية إلى أن أصبحت لا تتجاوز الثلاث كفرق معروفة”، واستطرد: “هناك عدد كبير من الفرق الشعبية قد تصل إلى 20 فرقة، لكنني أرى أنها تعتمد على الأغاني الطربية وهذا نتيجة عدم تثقيف وتوضيح من قبل الجمعية لهذه الفرق بأنها تحمل مسمى فرقة شعبية بمعنى أنها أنشئت للحفاظ على الأغنية الشعبية وليس لتكون ضمن الأغنية الطربية”. أغانٍ هابطة أما فيما يخص القنوات الفضائية والفيديو كليب وتأثير الأغاني المستحدثة في الحد من انتشار الأغاني الشعبية، فقال: “القنوات الفضائية باتت تجارية ولم تعد تهتم بالفنون الشعبية والتراثية، سواء حجازية أو شرقاوية أو نجدية أو غيرها، وباتوا يهتمون بالأغاني الهابطة ويستخدمون العنصر النسائي لجذب المشاهد أو المستمع وجميع العقلاء على علم بذلك”. اللون الحجازي بعد الطربي وعن ترتيب الأغنية الحجازية الشعبية بين الألوان الأخرى قال: “اللون الحجازي يأتي في المرتبة الثانية بعد الأغنية الطربية، والدليل انتشار الأغنية الحجازية الشعبية مثل (يالخيزرانة)، (ابكي على ماجرالي ياهلي)، (سافروا ما ودعوني)، (لنا الله)، (سليم يا سليم)، وغيرها من أغانٍ شعبية باقية في الذاكرة، عكس الأغاني الشبابية المستحدثة وغيرها، التي أؤكد أنها “مؤقتة” وسرعان ما ستزول ولا يستمع إليها سوى المراهقين. وفي ختام حديثه، طالب أبوسراج وزارة الثقافة والإعلام متمثلة في الوزير الدكتور عبدالعزيز خوجة، بالمحافظة على الأغنية الحجازية، وذلك بإطلاق برنامج أسبوعي “سهرة” يخصص للتراث والفنون الشعبية، التي منها الأغنية الحجازية. اختلاف المقامات السبب من جهته، أكد خالد جمالي رئيس فرقة القمة للفنون الشعبية ومدرب فرقة الجمعية للفنون الشعبية بجدة، أنه لا يجد حرجا بالقول إن الأغاني الجديدة واختلاف المقامات من أغنية إلى أخرى سحبت البساط من الأغاني الحجازية الشعبية والأغاني القديمة، وقال: “أسهمت شركات الإنتاج والقنوات الفضائية في دعم هذه الأغاني الشبابية الجديدة؛ ما حقق لها النجاح والانتشار من خلال الفيديو كليب، حيث تلفت إليها نظر المشاهد بإدخال العنصر النسائي”. في الأفراح والمناسبات وأضاف: “الأغنية الحجازية تراجعت، لكنها لا تزال موجودة في الكثير من المناسبات، سوءا أهلية أو وطنية، فضلا عن أن محمد عبده لا يزال يقدم أغاني حجازية”، وزاد: “على الرغم من أن الفيديو كليب واستخدام العنصر النسائي أسهما في انخفاض نسبة الإقبال على الأغنية الحجازية، إلا أن الفرق الشعبية المتواجودة في الساحة لا تزال تقدم الأغنية والألحان الحجازية بشكل قوي وتنافس الأغنية الحديثة، ولا أبالغ إن قلت لك إن الفرقة الشعبية فرضت الفن الحجازي على كثير من القنوات الفضائية”. واستطرد: “أتمنى من الفنانين الاهتمام بالأغنية الحجازية وعدم طمس هوية اللحن والكلمة والغناء الحجازي مثل المجرور والدانة”. تشجيع الشباب وعن دعم جمعية التراث والفنون للأغنية الحجازية قال: “الجمعية لم تقصر في الدعم المعنوي والمادي، حيث تقدم مبالغ مالية تصل إلى خمسة آلاف ريال لبعض الفرق الشعبية في الكثير من المناسبات، ولا سيما الوطنية وتشجيع الشباب على ممارسة وتعلم المقامات وأخذ دورات في الآلات الموسيقية ولم تتأخر الجمعية في تقديم المساعدة على الأصعدة كافة إلى الفرق الشعبية”.