لقد دق إبليس طبول الحرب علينا، منذ أن طرده الله (... لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً) (الإسراء: 62)، (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) (الأعراف: 17)، إذن أعلنها حربا لا هوادة فيها، والسؤال: “كيف يحاربنا الشيطان وأعوانه وذريته؟”. يظن بعض المسلمين أن عمل الشيطان محصور في محاولة إيقاع الإنسان بالمعصية، والزلة، والكبيرة، والفاحشة، أو أن يترك الإنسان الواجبات كالصلاة.. إلخ. إن بعض الناس يعيشون أوهاما لا حقيقة لها، يعيشون وَهم المرض فإذا أحس أحدهم بألم في رأسه أو بطنه توهم أنه المرض الخطير، القاتل، فيأخذ بمراجعة المستشفيات والمصحات وأخذ التحاليل، وهلمّ جرا...، ومنهم من يترك الخير وفعله وينزوي عن الناس؛ خوفا من العين، فهو يعلّق كل داء أو مرض بالعين، أو يظن بأنه مسحور، كما أن بعضهم يشك دائما فيمن حوله كالزوجة أو الجيران أو الأصدقاء، وكذا الأقارب بلا بينة ولا برهان. يظن بهم، والظن لا يغني من الحق شيئا، فيظن بزوجته السوء، وبأقاربه الحسد، وكل ذلك من الشيطان، فزوجته غافلة، وجيرانه صالحون، وأقاربه يحبون له الخير، لكنه الشيطان. أوهام على أثرها أوهام، عين! مرض! سحر! داء قاتل...! كلام فارغ أملاه الشيطان على النفوس المريضة الضعيفة. وأذكر مرة أني كنت في إحدى المناطق الشمالية للسعودية ألقيت محاضرة، وبعد الفراغ منها أمسك بيدي رجل من الحاضرين وقال: “أريدك في موضوع”، فقلت: “لا مانع”. وحاصله أنه قال لي: “أنا رجل مسحور”، فقلت له: “وما علامة ذلك؟”، فقال: “إني إذا أردت أن أقرأ قول الله تعالى (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا...) إلى آخر الآية (البقرة: 102) عندها أبكي بكاء شديدا وأخاف”، فقلت: “الجواب يا أخي أنك متهئ للبكاء؛ فمن الطبيعي أن تبكي إذا قرأت هذه الآية”، ثم قلت له: “ظنك من الذي سحرك؟”، فقال لي بالحرف الواحد: “أمي هي التي سحرتني!!”، فقلت: “يا رجل اتق الله هذا من الشيطان”، فقال: “بيني وبينها مشكلات لا تعلمها”، فقلت: “ولو كان الشيطان يريد أن يوقع بينك وبين أمك ما هو أعظم”.. انتهى الحوار. إن علاج الأوهام يكون بذكر الله والمحافظة على الأوراد، وأنصح القراء باقتناء (كتاب حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة) جمعه الأخ سعيد بن وهف القحطاني، ولا يهمنا من الذي جمعه، إذا عرفنا من الذي أملاه إنه من إملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اجعل هذا الكتاب في جيبك مثل الجوال تماما في الملازمة، وزوّد أولادك ذكورا وإناثا بنسخة من الكتاب وعودهم القراءة فيه، ثم حفظ ما فيه.