الكلمات تتطاير في الفضاء.. التصريحات تأتي من كل صوب.. هذا يحلل، وذلك يتوعد، وثالث يتحدث عن ردة الفعل قبل الفعل نفسه. حمّى الديربيات تنتشر بسرعة الصوت؛ ولهذا ما زلنا نسمع أصواتا تأتي من هنا وهناك. جلهم أدلوا بدلوهم.. قالوا آراءهم.. عبروا عن أحلامهم.. لم يخوضوا في التفاصيل، ولم يتطرقوا إلى طرق اللعب، ولكنهم قالوا كلاما أشبه بالأماني والنتائج لا تحققها الأماني! لقاء الهلال والنصر حسابات أبعد من الربح والخسارة؛ ولهذا ستلقي الخسارة بظلالها على الفريق لمراحل قادمة، وهذه ضريبة الديربيات؛ فالفائز ينتشي بفوزه دون أن يقول كيف فاز، والخاسر يبحث عن أعذار قد تصل إلى مسؤول الملابس وسائق الباص وطباخ الفريق! الديربيات لدينا ظاهرة صوتية، وفرصة للكلام، ومجال لخلق الأعذار؛ ولهذا تابعوا ما قيل وما سيقال قبل وبعد لتحكموا! حديثي ليس تخصيصا للنصر والهلال؛ فما يحدث في الرياض يتكرر في جدة والدمام والقصيم؛ باختصار كلهم متشابهون مع فارق المفردة. مواجهة هذا المساء بحكم المنطق زرقاء؛ عطفا على الأسماء والخبرة والنتائج والطموح. وفي كرة القدم تعلمنا أنها علم غير صحيح؛ فما نكتبه على الورق بحسابات الأفضلية قد يتغير على أرض الملعب؛ ولهذا ستبقى معادلة النصر مرتبطة بالعمل الذي سيقدمه اللاعبون على أرض الملعب دون الالتفات إلى حسابات الربح والخسارة وقواعد الأفضل والأجهز والأكمل! النصر أمامه حلان: إما فوز يعيد ترتيب الأوراق، أو خسارة تبعثرها؛ ولهذا ستكون الضغوط عليه أكبر والمهمة أصعب. فيما منافسه يدخل بارتياح أكبر بحكم نتائج المواسم السابقة وبكم النقاط التي في حوزته وقبل ذلك بفوارق الأسماء. ولكن في الأخير ستبقى كرة القدم علم غير صحيح! أتمناها كرة قدم حقيقية تسعدنا.. تمتعنا.. تقدمنا للآخرين بشكل مختلف.. نثبت من خلالها أننا محترفون في الأداء وفي تقبل النتائج وفي حديثنا وردة فعلنا. كثيرون يعشقون الحديث عن الهوامش ويتحينون الفرص للخروج عن النص.. يجدون في مثل هذه المناسبات فرصا للبروز يدغدغون مشاعر (الغلابة) من الجماهير بعبارات لا علاقة لها بالواقع، هؤلاء ستكشفهم القنوات من ألسنتهم ومن تفكيرهم وستقدمهم على حقيقتهم، وسنعرف بعد اللقاء إن كان أحد منهم بيننا أم إن الصفحة القديمة طويت وجاء عهد جديد يتبادل فيه اللاعبون القمصان ويتصافح المدربان ويخرج الرئيسان بحديث يليق بهما وبموقعهما، وهذا ما أتوقعه وأثق به وعلى هذه الأمنية نلتقي ولنا عودة.