الكوميديا فن احترافي لا يعترف بالمناطق الرمادية، (يا أبيض يا أسود)، ودائما يأتي من واقع التجربة، ويجب أن يبتعد عن الابتذال حتى يكون مقنعا وأكثر طرافة، هذا هو المبدأ الذي يسير على خطاه الفنان حسين عبدالرضا في مسلسله الجديد (الحب الكبير)، عبدالرضا الذي تعود منه الجمهور الاختيار الجميل في كل عام وفي كل المواضيع التي يطرقها. فبعد سيل من الأحزان قدمها في العام الماضي من خلال مسلسل (التنديل) والتعاطف الكبير من قبل جمهوره الذي صدم بذلك الحزن المتراكم تحت ضغوط كانت أكبر من أن تتحملها القلوب، يعود هذا العام لكن بشكل مختلف في عمل يحمل من الكوميديا والإمتاع الشيء الكثير. يجسد الفنان حسين عبدالرضا دور الجد الذي يحاول معايشة واقع أبنائه وأحفاده الذي فرض عليه، ويحاول أن يصل بما يملك من خبرات إلى عقولهم الصغيرة، لكنه يكتشف في النهاية أن الدخول إلى هذا العالم الصغير هو شيء يعتبر من ضروب الخيال؛ فالحياة تغيرت والتفكير تغير، وحتى موضة اللبس والأكل والشرب، وطريقة فهم الأمور اختلفت بشكل كبير؛ ما يجعل للمواقف الكوميدية التي يمر بها مذاقا مختلفا. وواصل حضوره بالنكتة اللاذعة، ويشعر المشاهد بأن هذا الرجل الكبير في السن، الذي تقاعد بعد سنوات طويلة من العمل في المدرسة، هو أب له وأخ وصديق يعيش في أسوار بيته. وأكثر ما لفت نظر المشاهد لحظة التكريم التي جاءت في أول حلقة من حلقات المسلسل؛ حيث همس حسين عبدالرضا في أذن مدير المدرسة عندما قدم له درعا تذكارية نظير سنوات العمل المضني الطويل في الحقل التعليمي، وقال: “ابعدوا عن هالسوالف كل ماراح واحد وبغيتوا تكرمونه عيطتوه قوطي وقزاز مكتوب عليه نشكرك من الأعماق، نصيحه لكم عطوا هالشخص بيزات وخلوا هالخرابيط عنكم ترى الانسان في هالمرحله محتاج للبيزه وخصوصا في هالظروف الصعبه”. وقد حاول الإعلام الخليجي قبل فترة الاصطياد في الماء العكر ووصف عبدالحسين بالديكتاتور، ومحاولة البقاء في دائرة الضوء، وعدم التزحزح عن القمة بأي شكل كان، لكنه في (الحب الكبير) أعطى الفرصة لأكثر من نجم؛ لإبراز طاقاتهم الكوميدية أو التراجيدية؛ فتميزت معه شجون الهاجري، وهي تحاول بشتى الصور الوصول إلى ذهن جدها الرجل الكبير الذي يشاهد عالمها الصغير بمنظار مختلف، بينما تتمنى أن يصل إحساسها إليه وأن تجد الحضن الدافئ وتفهمه لكل ما تمر به من ضغوطات في حياتها، وكذلك إلهام الفضالة وكامل الفريق. حسين عبدالرضا مدرسة كوميدية يعرف جيدا أن الفن رسالة لها هدف ستصل للمتلقي متى ما كانت صادقة وصادرة من القلب.