مع إطلالة الشهر الكريم، وفي أول مقال لي في صحيفة “شمس”، أبارك لجميع قراء الصحيفة قدوم الشهر المبارك. يتعلق الناسُ بالحوادث والفتن المستقبلية المعتمدة على التواريخ، سواء كانت في سنة أو شهر أو يوم معين، وتنتشر بينهم انتشار النار في الهشيم، كأنها جبال راسيات، وبخاصة مع انتشار الوسائل الحديثة من إعلام وشبكة عنكبوتية وغيرها. لذا وقف العلماء منها موقف المفند لها والمبين لعدم ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم.. وقد أفرد الإمام ابن القيم في كتابه (المنار المنيف) ترجمة لهذه الأحاديث فقال: “أحاديث التواريخ المستقبلية”، والموصلي في (المغني) أفرد أبوابا في الرد عليها. أمر آخر؛ أن في انتشارها ترويعا للمسلمين.. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: “لا يحلُّ لمسلمٍ أن يُرَوِّعَ مسلماً”. أخرجه أبو داود بسند صحيح. ومن الاعتماد على الحوادث والفتن المستقبلية ما يتعلق بشهر رمضان، فمن أشهر ما كُذب به على رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث الصيحة في النصف من رمضان، فإذا أحسستم بها فخروا سجدا!.. ونقل الموصلي في (المغني) عن العُقَيلي قوله عن الحديث: “ليس لهذا الحديث أصل عن ثقة، ولا من وجه يثبت”. وما زال هذا الحديث المكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ينتشر في المواقع الإلكترونية مع الأسف. وفي الأسابيع الماضية انتشرت كذبة السادس من رمضان 1430ه وفحواها: اقتراب المريخ من الأرض بشكل يراه الجميع!.. وأطلقوا عليها: معجزة إلهية!.. وأغرب حدث فلكي!..إلخ. والحمد لله؛ فقد انبرى أهل الاختصاص لهذه الكذبة بتفنيدها، ومنها الجمعية الفلكية بجدة في صحيفة (الرياض) (الثلاثاء 18 ربيع الآخر 1430 العدد 14904) قائلة: “نفت الجمعية الفلكية بجدة بشكل قاطع في بيان لها الأنباء التي انتشرت في كثير من مواقع الإنترنت، التي تشير إلى أن كوكب المريخ في السادس من شهر رمضان المبارك القادم سوف يقترب من الكرة الأرضية وسوف يكون كبيرا في حجم القمر. وأكدت الجمعية أن هذه المعلومات غير دقيقة وهي عارية عن الصحة جملة وتفصيلا..”.