في الوقت الذي تنظر فيه الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في عشر قضايا لزواج قاصرات في مناطق مختلفة في السعودية وصلت إليها بواسطة أقارب للفتيات، وتعمل على منع تلك الزيجات؛ نسبة إلى الضرر الكبير الذي تلحقه بصاحباتها، يرى مختصون في حقوق الإنسان ضرورة الاستفادة من الأنظمة الجديدة لمنع انتشار مثل هذه الظواهر، ومنها نظام مكافحة الاتجار بالبشر الذي أقر قبل أسبوعين في مجلس الوزراء، وطالب حقوقيون بضرورة إدراج زواج القاصرات ضمن الجرائم التي يكافحها النظام؛ نسبة إلى الضرر الذي يلحقه زواج القاصرات بهن، ويتشابه مع بعض الحالات التي صنفت على أنها إتجار بالبشر، كإهانتهم والتكسب المادي من خلالهم ومحاولة قهرهم واضطهادهم. الشورى يتصدى واعتبر الدكتور فهد العنزي عضو مجلس الشورى نائب رئيس اللجنة الإسلامية والقضائية وحقوق الإنسان في حديث مع “شمس”، أن زواج القاصرات هو نوع من أنواع الاتجار بالبشر، وقال: “لا شك أن الاتجار بالقاصرات أو ما يسمى بزواج القاصرات هو أمر مقلق ولا سيما بعد تزايد هذه الممارسات”. مضيفا، أن مجلس الشورى يعمل على الحد من هذه الممارسات من خلال مقترح سابق لتحديد سن الزواج للفتاة، بحيث لا يجوز تزويجها من دون سن ال18، وتعميد مأذوني الأنكحة بعدم إبرام عقود الزواج لمن تقل أعمارهن عن سن ال18. وطالب العنزي بضرورة الاستفادة من نصوص نظام مكافحة الاتجار بالبشر الذي صدر للحد من هذه الممارسات التي وصفها بغير الإنسانية. تجارة قصر وتوقع الدكتور فهد العنزي أن يقع أولياء الأمور، الذين يتاجرون ببناتهم القصر، تحت طائلة العقوبات التي نص عليها نظام مكافحة الاتجار بالبشر في حالة توافر قرائن معينة يتبين من خلالها أن عقد الزواج لم يكن إلا ذريعة شرعية لتمرير صفقة بشرية ضحيتها طفلة صغيرة لا حول لها ولا قوة، وقال: “العبرة فيما يتحقق من دلائل ووقائع أو معطيات تدل على أن الولي أساء استخدام سلطته في الولاية، خصوصا إذا كان العرض المالي الذي تلقاه الولي كبيرا، وكذلك السن الذي يكون عليه من يطمع بضم هذه القاصر إلى ممتلكاته الشخصية، وكذلك الوضع المالي للولي، الذي في الغالب بحاجة إلى المال، كأن يكون مدمنا للمسكرات أو المخدرات أو مدينا. العبرة بالمعايير ويزيد العنزي: “النظام في هذا الشأن واضح فهو لا يشير بشكل مباشر إلى زواج القاصرات باعتباره إحدى حالات جرائم الاتجار بالبشر؛ لأنه من الصعب إدخال كل حالات زواج القاصرات ضمن جرائم الاتجار بالبشر، لكن العبرة بالمعايير التي تضمنها النظام، التي تحدد بشكل واضح الحالات التي تُعد من قبيل الاتجار بالبشر، فمتى ما تحققت المعايير أو الحالات التي نص عليها النظام في أي ممارسة غير مشروعة من وجهة نظر النظام عُد ذلك من قبيل الاتجار بالبشر، حتى وإن اتخذ شكل عقد زواج، ولعل أهمها بعض حالات زواج القاصرات أو قيام الزوج بإبرام عقد زواج لم يكن الهدف منه سوى الحصول على سلطة؛ لإجبار الزوجة على ممارسة البغاء”. تجنيب الضرر من جانبه، أوضح الدكتور صالح الخثلان نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والمتحدث الرسمي باسمها، أن الجمعية ترى أن زواج القاصرات لا يدخل في إطار الاتجار بالبشر؛ وذلك وفقا لما ورد في الاتفاقيات الدولية وفي نظام مكافحة البشر الذي أقر أخيرا، وقال: “تعريف الاتجار محدد ودقيق ويجب علينا الحذر من تطبيقه على مظاهر اجتماعية يمكن معالجتها بأساليب مقبولة اجتماعيا، وهي في طريقها إلى الزوال مع ارتفاع مستوى الوعي، من دون الوقوع في الإشكاليات المترتبة على مفهوم الاتجار بالبشر”. مضيفا، أن “الجمعية تقف ضد زواج القاصرات بسبب أضراره الصحية والنفسية والاجتماعية على الطفل، وهي تعمل على الحد منه بشكل نهائي؛ بسبب أضراره المختلفة، إضافة إلى أن فيه انتهاكا لحقوق الطفل”. ليست ظاهرة وذكر الخثلان، أن زواج القاصرات لا يشكل ظاهرة حتى الآن، مضيفا، أن “الشكاوى التي تلقتها الجمعية تعتبر قليلة في هذا الشأن، واشتركت المناطق السعودية في تسجيلها. وأوضح الخثلان، أن دور الجمعية يتمثل في التوعية بأضرار هذه الزيجات، وكذلك التواصل مع الجهات المختصة لمنعها، ومن ذلك تحديد سن مناسبة للزواج وتوجيه مأذوني الأنكحة بعدم توثيق عقد زواج لقاصر، وقال الخثلان: “خاطبت الجمعية المقام السامي بخصوص زواج القاصرات، واقترحت تشكيل لجنة لدراسة أضراره وكيفية معالجته، وكذلك دعت إلى النظر في تحديد سن للزواج، وأبدت الجمعية استعدادها للمشاركة في اللجنة في حال تشكيلها”. وأضاف أن “اتفاقية حقوق الطفل التي وقّعت سنة 1989م، في مادتها الثالثة ذكرت “أنه في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال، سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية، يولي الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى”.