من حق المرء أن يبحث عن الأفضل علميا ووظيفيا وماديا، فالمرء يتطلع دائما إلى أن يكون في مرتبة أعلى، وأن يحقق دخلا ماديا إضافيا، أو أن يكتسب خبرة ومعرفة جديدتين، تفتح له نافذة على المستقبل، فالمتغير هو الثابت الوحيد في التاريخ، فعندما يكون المرء هو نفسه عبر حقبة طويلة يظل قابعا في مرتبة متدنية حتى ولو ظن أن مكانته متميزة، وعندما يسعى المواطن من أبناء الطبقة الوسطى وما دونها، في ظل أعباء المعيشة لتحسين دخله المادي، فهو لا يمارس إلا حقه المشروع لمواكبة متطلبات التغيير.. وفي ظل هذا السعي يعتقد أن القنوات المتاحة له هي إما الاستثمار في سوق الأسهم، أو الاستثمار في سوق العقار، على الرغم من الفرص الاستثمارية الكامنة في اقتصادنا الوطني. ولأن الشريحة العظمى منا ذهبت للاستثمار في سوق الأسهم لأنها الأسهل استثماريا من حيث الإجراءات والممارسة، فإن ذلك يجعلنا نقرأ بتمعن ما حدث في سوق الأسهم على مدى ثلاثة عقود والتي شهدت انهيارات عديدة 1993 - 1998 - 2004، والانهيار الأخير الذي بدأ منذ فبراير 2006، هذه الانهيارات مردها اندفاع العديد منا دون أدنى وعي استثماري للدخول إلى سوق الأسهم بكل ما يمتلكونه من مدخرات، بل إن البعض اقترض سعيا وراء حمى الثراء السريع، لعله يحقق ثروة تجعله يمتلك مسكنا ومشروعا إنتاجيا خاصا به، فالسواد الأعظم أراد أن يستثمر لفترة وجيزة، ليحقق إمكانية تملك مشروع إنتاجي يحرره من الوظيفة ويدخله خانة رجال الأعمال، وهنا يكمن الخلل في المعادلة، فسوق الأسهم سوق استثمارية حتى ولو حاول (هوامير السوق) تحويلها إلى سوق مضاربة، فإحدى الدراسات التي أجريت على أسواق المال قارنت بين مستثمر عادي ومضارب محترف، فوجدت أن المستثمر العادي يحقق مكاسب مالية أعلى من المضارب المحترف.