كان هناك رب أسرة في الريف الأمريكي قائم بشؤون أسرته كما يجب، وقد ربى أبناءه على الكد وتحمل المشاق واحترام الذات، وهذه من القيم التي يحرص عليها أهل الريف في بقاع مختلفة من العالم ومنها أمريكا، حيث سكان الريف بعيدون عن أجواء المدن الأمريكية التي انطبعت بقيم السوق من سعي محموم إلى الربح السريع والأنانية وغيرها من سجايا المجتمعات الرأسمالية، وحدث أن أحد أبنائه كان يركض في الحقل فسقط وكسرت رجله، فتحامل على آلامه بشكيمته التي تربى عليها مع معالجة عابرة، إلا أنه بمرور الأيام بدأت رجله تتورم ويتعمق جرحه ويزرق، فأحضروا له الطبيب، وبعد أن عاينه تساءل عن سبب إهمال جرحه الغائر إلى أن ساءت حالته، ثم أخذ الطبيب الأب جانبا وأخبره بأنه يجب بتر قدم ابنه لأنها أصيبت بالغرغرينا، سمع الابن ما دار بين الطبيب وأبيه، فأخذ يصيح بهم رافضا بتر قدمه، لكن الأب لم يجبه لأنه يغلب عقله على عاطفته، والأم أصبحت بين نارين، فالتزمت الصمت وأعيتها الحيلة، نادى الابن المصاب أخاه الذي يكبره بسنتين، وطلب منه أن يمنع ذلك الأمر، فما كان من أخيه إلا أن وقف بباب الحجرة ومنع كل من حاول الدخول بكل عناد وشراسة، رغم محاولات الأسرة باللين تارة والشدة تارات، حتى إنه ظل ليومين بباب الغرفة يحرس أخاه لكي يمنع دخول الطبيب أو غيره، ثم إن حالة الابن أخذت تزداد سوءا واشتدت به الآلام، هنا أخبر الطبيب الأسرة أن الغرغرينا قد أثرت في جسمه كله، ولن ينجو منها ويعيش إلا بمعجزة، فما كان من الأسرة إلى أن أخذت بالدعاء والتضرع إلى الله بإلحاح واستكانة أن يشفي ابنهم، ثم شاءت إرادة الله أن يخف الورم شيئا فشيئا ويبدأ جرحه بالشفاء تدريجيا، حتى استطاع النهوض بعد ذلك وبرئ جرحه تماما بإرادة الله. ذلك الابن هو الجنرال دوايت آيزنهاور، قائد قوات التحالف ضد ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، ومن ثم الرئيس الرابع والثلاثون لأمريكا من 1953 حتى 1961، وهو من أشهر رؤسائها وأكفئهم وأكثرهم قبولا ومكانة، أما قصة الدعاء، فقد قال تعالى في كتابه الكريم (أمن يجيب المضطر إذا دعاه) والمضطر هنا يشمل المسلم والكافر، فسبحان مصرف الكون.