كانت زميلة فرنسية مسؤولة في إعلام الاتحاد الأوروبي في زيارة للقاهرة في نوفمبر 2008، فدعوتها لحضور ليلة سعودية أقامتها وزارة الإعلام السعودية ضمن فعاليات مهرجان الإعلام العربي في القاهرة، فاستجابت للدعوة وحضرت الحفل. كانت ليلة سعودية مميزة من حيث التنظيم والأداء المتناغم للفرق الشعبية التي تمثل مختلف مناطق السعودية بإدارة المخرج الشاب فيصل يماني.. كانت علامات الدهشة والذهول والإعجاب بادية عليها، فأمطرتني بسيل من الأسئلة عن وطني، وكنت أجيب بكل موضوعية ما استطعت عن هذا الوطن الذي هو بحجم أهم ثلاث قوى أوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) جغرافيا، وبثقلها السياسي والعقائدي والاقتصادي إقليميا وعالميا، وبتراثها الشعبي وفنونه التي تراها أمامها على المسرح الفرعوني في المدينة المصرية للإنتاج الإعلامي. انتهى الحفل الذي امتد لأكثر من ساعتين، فقالت: إننا ندفع أموالا لتمويل دراسات يقوم بها باحثون من أبناء جلدتكم عن الدول العربية ومنها السعودية، لكن قدموا لنا صورة مغايرة تماما لما رأيته اليوم، ومن ذلك ولدت دهشتي وإعجابي هذه الليلة. قلت لها إن العديد للأسف من الباحثين العرب في أوروبا والولايات المتحدة مؤدلجون، ما يقودهم في البحث ليس تقديم صورة حقيقية حتى لو كانت مؤلمة، إنما يقودهم إيديولوجيتهم التي يؤمنون بها، وأحكامهم المسبقة، وتكريس الصورة النمطية الموجودة في الذهنية الأوروبية والأمريكية عن العالم العربي وعن السعودية على وجه الخصوص. غادرت الزميلة الفرنسية القاهرة وهي تحمل صورة جديدة عن السعودية متمنية زيارتها في المستقبل. الأكثر تميزا تلك الليلة، أننا قدمنا أنفسنا بكل ثقة بتراثنا، وكياننا، وقدراتنا دون خوف من انتقاد الآخر، وطوينا مرحلة كنا خلالها نسأل الزائر والمقيم القادم من بلدان أقل تطورا عن رأيه فينا، وننتظر الإجابة على أحر من الجمر لعله يثني علينا.