حينما غنى عبدالحليم حافظ: “توبة إن كنت أحبك تاني”، وأول مرة تحب يا قلبي”، ثارت غيرة أم كلثوم نظرا لتجمهر الأسماع حول هاتين الأغنيتين، فبادرت مباشرة بالبحث عن أغان بنفس الطابع، وهنا خرجت “أنساك” و“حب إيه اللي انت جاي تقول عليه”. الغريب في الموضوع أن شارع النقاد المصري ثار وغضب على موجة التسطيح في كلمات الأغاني وقتذاك. خيال أم حقيقة تخيل عزيزي القارئ أن ما يحدث الآن في ساحة “الغناء” العربي لا يعدو كونه إما “طلسمة” أو “تسطيحا”، ولن يقنعنا إطلاقا القول بعدم وجود كتاب أغنية في ظل وجود أسماء كبيرة توارت “أنفة” من الوضع الحالي، وقد تهون المشكلة حينما نضعها أمام التجاوزات الدينية العديدة في نصوص الأغاني الحالية. تفضلوا أغنية فارس كرم الجديدة تقول: “يلعن بيك يالغربة” ونحن نتساءل لماذا يدخل “اللعان” في الأغنية، وكذلك محمد حماقي يغني قائلا إن شا الله أموت في هواكي إن شا الله”، إن جهل الفنان بالكثير من المحاذير “كارثة”، خاصة حين يفتش عن “كلمات” يظن أنها سوف تشكل له الفارق بين منافسيه، وباتت المسألة شبيهة بقفشات الأفلام التي يبحث عنها الفنانون في المقاهي والشوارع. وفي ذات السياق نسأل الفنان فايز السعيد عن هذه الأغنية التي يقول مطلعها: سويت لي مشاكل سويت لي بلاوي تشرب معاي وتاكل والحب لغيري ناوي أي “تسطيح يبحث عنه فايز من خلال اختيار هذه الكلمات؟! فمن اللعان للشرب والأكل ولا نعلم ماذا ستحمل لنا الأغنية مستقبلا! حين “يمنهج” الفنان ذائقة الشاعر ويشتري قلمه لصالح أغنية رديئة؟! (وينكم) يا شعراء الأغنية اختفاء شعراء الأغنية ليس له مبرر؛ لأن ذلك اسهم في فتح المجال للرديء وجعله متسيدا الساحة الفنية، وخط تسير عليه الوجوه القادمة للوسط الغنائي، ومثل هذه الأغاني تفضح الفنانين وتكشفهم أمام الجمهور بأن وراء الأكمة ما وراءها والفنان ما بين خياري المصالح أو احترام الجمهور. وفي اتصال هاتفي بالشاعر الغنائي عبيد الدبيسي أكد أن هناك كلمات شوهت جمال الأغنية؛ لذلك لا بد أن يعود الشعراء الكبار مثل الأمير بدر بن عبدالمحسن والأمير خالد الفيصل لتصحيح الأوضاع في الساحة الغنائية؛ لأن الموجود لا يسر. وفي السياق نفسه تحدث الشاعر سامي الجمعان قائلا: “إن بعض الشعراء المحسوبين على الأغنية هم السبب في تردي الذائقة، ووصولها إلى هذه المرحلة، إضافة إلى أن الفنانين جزء من المشكلة بقبولهم مثل هذه الكلمات التي تنزل من قدر الفنان نفسه”.