لا تستطيع أي دولة أن تحقق الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي وتماسك النسيج الاجتماعي دون استتباب أمني. الأمن حجر الزاوية في بناء الدول وفقدانه يعني فقدان كل شيء مثلما حدث في العديد من دول العالم، ووجوده وجود للدولة بكل مكتسباتها. منصب وزير الداخلية المؤتمن على أمن الدولة من المناصب السيادية المتعبة جدا ولايستطيع النجاح فيه إلا ذو حنكة وصبر وقدرة على التعامل مع الواقع المتوقع منه وغير المتوقع. في دولة بحجم المملكة العربية السعودية بحدودها البرية الواسعة في شمالها وجنوبها وسواحل بحرية ممتدة على ضفاف الخليج العربي والبحر الأحمر، ووجود أماكن مقدسة في كل من مكةالمكرمة والمدينة المنورة تستقبل في موسم الحج وحده في كل عام أكثر من مليوني حاج من أصقاع المعمورة في أماكن محددة وأيام معدودة، وثروة نفطية كأكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، ودور سياسي محوري ومركزي في العالمين العربي والإسلامي، فلا يكلّ المتربصون والإرهابيون عن حياكة كل ما يستطيعون للإضرار بها. بكل تلك الحقائق كان الأمن السعودي الأكثر نجاحا مقارنة بالعديد من الدول الأكثر تقدما تكنولوجيّا ومعرفيّا وثروة. يدين الأمن السعودي بنجاحه بكل ما واجهه من حملة إرهابية ضروس لقيادة الأمير نايف لوزارة الداخلية لأكثر من ثلاثين عاما، بما يمتلكه من حنكة مشهود له بها من الجميع، وقدرة مميزة على قراءة الواقع والتعامل معه، ورؤية استشرافية تتطلع إلى المستقبل مرتكزة على عقيدة الإسلام السمحة، وتروٍّ وحِلم منقطعَي النظير. نادرا ما تجد وزير داخلية يجيد التعامل مع الإعلام كالأمير نايف، فالمتابع لتصريحاته يجدها تجسيدا للحكمة والعقلانية والدبلوماسية رغم أن رجل الأمن الأول يتحدث عن أحداث أمنية مهمة، إما عن حادث إرهابي يستهدف أمن واستقرار المملكة، أو جهد أمني ناجح لمنع أي اعتداء، أو توقيف الإرهابيين والمهربين والخارجين عن القانون. هذا الاحتفاء الرسمي والشعبي الذي تشهده السعودية لتعيين الأمير نايف بن عبدالعزيز نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء، بالإضافة لمنصبه الحالي كوزير للداخلية مرده أن التعيين أتى برجل سياسة وإعلام وأمن محنك عرف الجميع إنجازاته على مدى أكثر من ثلاثة عقود ليضطلع بواحد من أهم المناصب السياسية السعودية.