أكد الشيخ الدكتور محمد بن هادي مدخلي عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية، أنه ليس من صميم اختصاصات الدعاة اقامة الدولة الاسلامية، مشيرا الى أن من أخلاقيات الداعية المسلم أن يدعو بداية إلى إصلاح العقيدة والأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك، مؤكدا ان هناك من خالفوا هذا الواقع وجعلوا أول واجبات الداعية الحرص على إقامة الدولة الإسلامية، وأغفلوا الحرص على إقامة الشريعة الإسلامية. واوضح مدخلي الذي كان يتحدث من خلال محاضرة نظمتها الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة اخيرا، ان من أخلاقيات الداعية أن ييسر على الناس ولا يعسر ويبشر ولا ينفر؛ لأن نفوس الناس قد جبلت على حب التيسير والبشارة مع تقييده بالضوابط الشرعية، وأن يقدر في دعوته وفتواه المصالح والمفاسد، وأن يهتم بجمع الكلمة ويجتنب التفرقة؛ لأن المرء ضعيف بنفسه قليل بذاته قوي بإخوانه وأصحابه، مشيرا الى أن الدعوة فرض كفاية إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين وكانت في حقهم سنة، وأما إذا لم يقم بها البعض في أي قطر من الأقطار فإن الإثم يعم الجميع، مطالبا الدعاة بالتحسس في أداء هذه الفريضة، وألا يتواكلوا في هذا؛ لأن التواكل في هذا الباب أوردَ الأمة في هذا الزمن الموارد؛ فعم الجهل مع فشو القلم وانتشاره. وحدد مدخلي عددا من الصفات التي يجب ان يحرص عليها الدعاة، وان تكون من صميم اخلاقياتهم: كأن يكون الداعية عالما بما يدعو إليه (على بصيرة) فالجاهل قد يفسد وهو يقصد الإصلاح ويهدم وهو يريد البناء، والإخلاص فيما يدعو اليه فيريد بدعوته إصلاح الناس ولا يريد من الناس مالا ولا ثناء ولا شكورا ولا رئاسة؛ فكم من الناس وهم يدعون إلى الله إنما يدعون إلى أنفسهم يطلبون لها الشهرة والجاه والرئاسة، كذلك العمل بما يدعو (القدوة الحسنة)، حيث تصدّق أفعاله أقواله، ومن خالف هذا فقد وقع في الهاوية، وقد منع الله من هذا وشبههم بأخس الحيوانات الكلب والحمار، ومن صفاتهم ايضا البدء بالأهم فالمهم وأول ما يجب أن يدعو إليه: إصلاح العقيدة والأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك كما فعله الأنبياء (ولقد أرسلنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)، وكل داعية خالف هذا الأصل فهو على خلاف هَدي النبوة، والبعض قد خالفوا هذا وجعلوا أول واجب على الداعية الحرص على إقامة الدولة الإسلامية وأغفلوا الحرص على إقامة الشريعة الإسلامية، وأي دعوة قامت على هذا الأساس فإنها تؤتي ثمارها ولو بعد حين، ولنا في دعوة الإمام أحمد وكل الحكام أعداؤه وابن تيمية وكان علماء السوء خصومه ومحمد بن عبد الوهاب، أسوة وقدوة. كذلك الصبر على ما يلاقيه من المصائب لأن الدعوة سبيل الرسل فلابد أن ينال سالكها ما نالهم، وعليه أن يصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، وألا يستعجل بجانب التحلي بالخلق الحسن من الرفق والحلم والعفو والصفح، ويحذر الغلظة ويجتنب الثأر والانتقام لنفسه، مشددا على ان من ظن أنه يسلم عرضه من الناس فليجلس في بيته ولا يدخل ميدان الدعوة؛ فإن أفضل الرسل قد وُصف بأنه كاذب وشاعر ومجنون؛ فللوارث ما لمورّثه.