مشكلة تكاد تصل حد الظاهرة تتمثل في استخدام السيارات المستأجرة بشكل سلبي، حتى أنك لتجد السيارة ذات الموديل الحديث في حالة يرثى لها من جراء العبث الذي طالها من هؤلاء العملاء، "شمس" رصدت هذه القضية آخذة بأطرافها من مستأجرين ومؤجرين. موقف مر بي صاحبي أحمد صباح يوم ماطر في المنزل، وهو يمتطي سيارة (موديلها حديث) للمرة الأولى أراها معه، وكونه يتاجر في السيارات (شريطي)؛ فلم تكن السيارة الجديدة أمرا يثير تساؤلي، ولكن ما أثار استغرابي هو ما كان منه حين ركبت معه، فسرعته الجنونية، ومجازفته في تجاوز السيارات، واعتلاؤه الأرصفة، واقتحامه مستنقعات السيول، أمر يثر الاستغراب كونه مغايرا لما أعرفه عن قيادة صاحبي طوال السنين الماضية! حتى المطبات أحيانا كثيرة لا يعبأ بها، وأحيانا (يدعس المكبح) بكل ما أوتي من قوة؛ الأمر الذي يصاحبه صرير مزعج ودخان منبعث من الإطارات، حينها سألته عن سبب تغير قيادته، فأجابني وهو يبتسم: "حلال عمك لا يهمك"، حاولت أن أستبين الأمر أكثر، فأضاف: "هذه سيارة استأجرتها منذ ثلاثة أيام، وسأعيدها الليلة، وقبل أن أعيدها أريد أن أستمتع بها قدر المستطاع"، أنكرت عليه فعله وقوله؛ فما كان منه إلا أن علل تصرفه بقوله: "هذا ما يعمله المستأجرون مع هذه السيارات المستأجرة"، ثم طلب مني أن أتفحص السيارة من الداخل لأجد السيارة ذات الموديل الحديث، مقطعة المراتب الخلفية، والمقود به آثار الكاوية، والإكسسوارات بعضها مهلهل. ثقافة ولا ينكر طلال الشهري (21 سنة) أن هناك سوء استخدام من قبل الشباب للسيارات المستأجرة،: "فمن خلال مشاهدتي لما يقوم به زملائي أجد أنهم لا يعبأون بما يصيب السيارة من تلف، بل أحيانا يتعمدون ذلك، فيلحقون بها الضرر من خلال السرعة الجنونية، أو التفحيط، أو التطعيس، وأشياء أخرى من هذا القبيل"، وعن سبب هذا التصرف، يضيف: "هذه ثقافة؛ فهؤلاء الشباب من الأساس يسيئون استخدام سياراتهم التي يمتلكونها؛ فكيف يكون الحال مع هذه السيارات المستأجرة؟! من المؤكد أنها ستكون أسوأ". أمانة ويشير أحمد الحربي إلى حال هذه السيارات قائلاً: "علاقتي مع السيارات المستأجرة وطيدة؛ فأنا أستأجر دائما حين أريد السفر؛ وذلك لعدم أهلية سيارتي التي أمتلكها لهذا الأمر، وحين أريد الاستئجار أحرص على انتقاء السيارة الصالحة، ولكن من خلال ما أراه من سيارات وما جربت، يندر أن يكون فيها (النظيف)؛ فالحصول على سيارة بحالة جيدة، مريحة، مأمونة أمر صعب المنال في ظل العبث الذي يلحقها من هؤلاء المستأجرين؛ فكم من سيارة حديثة الموديل، ومظهرها الخارجي أخاذ، ولكن ما إن أركبها حتى أصدم بالرائحة الكريهة المنبعثة منها من جراء السجائر، أضف إلى ذلك تكسير الإكسسوارات في الداخل"، وعن السبب من وجهة نظره، يؤكد الحربي ما قال به الشهري،: "ما يحدث نتيجة أزمة ثقافة، وقلة وعي؛ فعلى الرغم من أننا وصلنا إلى مراحل متقدمة من التعليم، ومع أن ديننا يأمرنا بعدم إلحاق الضرر بالآخرين، وبالحفاظ على ممتلكاتهم إلا أن بعضنا لا يكترث بهذا كله؛ فما أن يستأجر السيارة حتى ينقلب شخصا آخر، وكأن إيجاره يخوله للعبث فيها كيفما أراد متناسيا أنها أمانة عنده هو مسؤول عنها حتى يعيدها إلى المكتب الذي استأجرها منه"، ويقترح أحمد بأن تتكاتف مكاتب الإيجارات من أجل تثقيف المجتمع في هذه الناحية كتوزيع مطويات على المستأجرين، أو بأي طريقة أخرى، المهم أن يكون هناك وعي. بلا نظام ويذكر إبراهيم السلطان (مسؤول تأجير بشركة هانكو) أنه من خلال عمله في تأجير السيارات لأكثر من عشرة أعوام يستطيع القول بأن ما يقارب 80 في المئة من العملاء يسيئون استخدام السيارات التي يستأجرونها،: "وإن كان السعوديون لهم قصب السبق في هذا العبث، إلا أن المقيمين من العرب لا يقلون عنهم سوءا في الاستخدام؛ فكثيرا ما أخذ أحدهم سيارة جديدة، وأعادها وهي في حال يرثى لها"، مشيرا في حديثه إلى أن الأجانب – حسب خبرته يندر أن يحدث منهم هذه التصرفات الخاطئة، وعما يجدونه من عبث هؤلاء المستأجرين يضيف: "ما أن تأتي السيارة حتى نجدها مكدسة بالقاذورات من الداخل، أضف إلى ذلك تجد أضرارا في المراتب من سكب بعض المشروبات إلى تشقق فيها، وكذلك فك الأزرار الداخلية والإكسسوارات، وفوق هذا المحركات الداخلية التي قد لا تنكشف إلا لاحقا عند الصيانة"، وعن إن كان هناك نظام يحمي مكاتب التأجير يضيف: "للأسف لا يوجد نظام يمكن الرجوع في حال حدث العبث في السيارة، وهذا ما يضطر مكاتب التأجير إلى تقيد المستأجر في عدد محدد من الكيلوات، وهو نظام لا يستخدم في جميع دول العالم إلا لدينا، أضف إلى المطالبة ببطاقة الأحوال، ورخصة القيادة، وبطاقة العمل، ومعلومات عن السكن، ورغم هذا التشدد من قبل المكاتب إلا أنها لم تسلم من العابثين؛ فعلى سبيل المثال لدينا قضية ظلت معلقة إلى الآن؛ فأحدهم نطالبه بمبلغ 60 ألفا لم يسددها حتى اللحظة، فما إن أجرناه حتى ذهب ولم يعد بعد ذلك إلى أن وصل المبلغ إلى هذا الرقم"، ويذكر السلطان إلى أن بعضهم جعل من التأمين حجة له فهو يعبث فيها كيفما يشاء، ويأتي بها مهلهلة وحين نسأله عن هذا يقول بأنها تحت التأمين. خداع ويذكر سالم مجاهد (مسؤول تأجير بشركة الرحيلي) أنه من خلال عمله في هذا المجال لأكثر من خمس سنوات صادف الكثير من المتاعب من جراء هؤلاء المستأجرين،: "في تأجيرنا نعتمد كثيرا على التفرس في أوجه المستأجرين، فإن جاء أحدهم إلينا وكان واضحا عليه صغر السن والاستهتار والطيش لا نؤجر له، وإن كان العكس أجرنا له"، وعن نجاح هذه الطريقة يضيف: "رغم اتخاذنا لهذه الطريقة التقليدية إلا أننا كثيرا ما نقع ضحية بعضهم؛ فتجده قبل أن يستأجر في غاية اللطف والتهذيب، وفي سن يفترض به النضوج، بل قد يكون ذا تحصيل تعليمي عال، ولكن ما أن يعيد السيارة إلينا إلا وقد طالها العبث، وفوق هذا يقلب ظهر المجن لنا، وينكشف عن وجه غير الذي كان عليه في أول مرة جاء فيها".