في الوقت الذي تشتكي فيه بعض الزوجات من منع أزواجهن لهن من زيارة الأهل، نجد أن هناك زوجات يشتكين طول مكوثهن لدى أهلهن، يحدث هذا تحت مظلة ما يعرف ب (الإجازة الزوجية) التي يرى فيها الأزواج أنها فرصة لتجديد العلاقة بين المتزوجين، “شمس” أخذت برأي عدد من أطراف القضية والمختصين. إشاعات ظنت أم نواف أنها حظيت بما تريد، بزوج يهيئ السبل والظروف لتحقق ما تصبو إليه من طموح دراسي،: “تزوجت وأنا في السنة الأولى في الجامعة، كنت أسمع من بعضهن أن هناك أزواجا يمنعون زوجاتهم من الدراسة بشكل مباشر أو بطريقة غير مباشرة، كتحميلها أعباء ومشاغل أثناء الاختبارات، أو عدم الانتظام في الذهاب بها إلى المحاضرات، وأمور من هذا القبيل، لذا كان من الصعب أن أشترط أمر دراستي عليه في عقد النكاح، لعلمي أن ذلك لن يجدي نفعا إذا ما أراد نقضه، فآثرت أن أتركها للتشاور والتفاهم بيننا، ولكن ما وجدته بعد الزواج كان مغايرا لما تردد على مسامعي، فما أن أخبر زوجي بامتحاناتي الشهرية أو الفصلية حتى يُودعني عند أهلي دون تردد إلى أن أتصل به لأعود مرة أخرى إلى منزلنا، مع العلم أن فترة الامتحانات قد تستغرق أسبوعين إلى ثلاثة”، مضى الفصل الأول والثاني على ذات المنوال، ولكن حين جاءت الإجازة حتى بدأت تتكشف لأم نواف أمور أخرى أثارت الريبة والقلق في نفسها،: “اعتقدت أنه سيعود إليّ بعد امتحانات الفصل الثاني، ولكن ما أن اتصلت به حتى طرح علي فكرة بقائي عند أهلي فترة من الوقت، بعد الجهد الذهني والنفسي والجسدي، فرأيت أنه من المناسب أن أظل يومين لدى والدي؛ لتكون بمثابة الاستراحة، ولكن ما أن انتهى هذان اليومان حتى أعدت الاتصال بزوجي ليأخذني من بيت أهلي حينها عرض عليّ أن أمكث لديهم إلى أن تنتهي الإجازة التي ستستمر ما يقارب الثلاثة أشهر، معللا ذلك بأنها إجازة زوجية يقوم بها كثير من صحبه”، ولا تخفي أم نواف امتعاضها مما تجده من تهرب زوجها من المسؤوليات المناطة به ولا سيما أن الإشاعات تتردد بين الناس بوجود خلاف بينهما، وتصل أحيانا إلى القول بأنها مطلقة،: “استمر زوجي بين فترة وأخرى في أخذ هذه الإجازة، واستمرت التساؤلات تأتي من هنا وهناك، مع كل فترة طويلة أقضيها بين أهلي؛ الأمر الذي يثير مشاعر الألم والأسى معا في نفسي حيال هذا الأمر الذي اعتاده زوجي”، وعلى الرغم من إنجابها أطفالا ومضي السنوات، إلا أن إجازة زوجها لم يطرأ عليها التغيير. عبث “هذا ليس بزواج، هذا عبث طفولي”.. بهذه الكلمات المتفجرة حرقة تتكلم نجود؛ لتبث شكواها عما تجده من إهمال زوجها، وتهربه من مسؤولية الزوج،: “تزوجنا منذ عام، ولكننا لم نعش سوية في شقتنا سوى ثلاثة أشهر متقطعة”، زوج نجود يودعها عند أهلها أيام الخميس، والجمعة؛ للذهاب مع أصحابه للتسلية والسفر، يريد - كما تصف زوجته - أن يعيش منطلقا بلا قيود، وبلا مسؤوليات، ليعود بعد ثلاثة أيام أو أربعة لأخذها إلى المنزل: “أصبحت لا أطيق هذا الوضع المزري؛ فأنا أرغب في الاستقرار، وهذا لن يتأتى إلا بتواجدنا المستمر في بيتنا”. هروب وتحكي سلوى بمرارة،: “الفتاة تحلم برجل لا يمل وجودها في حياته، أما أن يبعدها بدعوى تجديد الحياة فهذا كلام واهٍ؛ فالزوج المحب لزوجته لا يمل وجودها أبدا معه في المنزل، بل على العكس يشعر بالفقد حين تذهب يوما إلى أهلها”. طرق أخرى وتقول حصة العتيبي (طالبة تربية خاصة): إنها ضد هذه الطريقة،: “أما ما يدعي به البعض من سعيهم إلى التغيير في الحياة الزوجية فهذا يكون بطرق أخرى كالسفر والانفراد بالزوجة، والابتعاد عن الأطفال؛ فهذه الطرق كفيلة بتقوية العلاقة الزوجية، لا أن يتهرب منها ومن مسؤولياته تجاهها”. تجديد وتقف أم فارس على النقيض قائلة: “أنا مع الإجازة الزوجية؛ فكل شيء مستمر بلا انقطاع يؤدي إلى الملل، وهذا ينطبق على الحياة الزوجية، ولكن هذه الاستراحة كفيلة بأن تعيد الحياة إليها؛ لذا يجب أن نبتعد قليلا عن روتين الحياة ونعطي الزوج فترة يجدد فيها نشاطه ويعود إلى بيته وعشه الزوجي بدماء جديدة وروح متجددة في الحياة”. حل ويضيف محمد زيد (معلم) إلى أهمية هذه الإجازة،: “من باب التجربة الشخصية، أجزم بفائدة هذه الإجازة؛ فهذه الإجازة أسهمت في إزاحة الرتابة التي ظللت حياتنا الزوجية أنا وزوجتي سنوات مضت”، تم تعيين محمد في إحدى المدارس بالمنطقة الشرقية؛ فانتقل من المنطقة الغربية بزوجته إليها؛ ليعيش في بيئة جديدة لا يعرف فيها أحدا: “كنت منقطعا عن الناس؛ فعلى الرغم من أنني اجتماعي، أحب الزيارات إلا أن زوجتي كانت على النقيض؛ الأمر الذي اضطرني إلى المكوث معها في البيت؛ فلم يكن في استطاعتي أن أذهب مع الآخرين وتركها في البيت وحدها”، هذا البقاء لمحمد مع زوجته أتاح للسأم أن يدب في حياته، خاصة أن النقل لم يتم له في العام الأول،: “أتذكر تلك الأيام فلا أعرف كيف صبرت عليها، حتى زوجتي كانت تعاني الأمرين من جراء هذا الانقطاع عن أهلها وقريباتها”، لاحظ بعض زملاء محمد في المدرسة ما يعانيه؛ لذا اقترح عليه أحدهم أن يأخذ إجازة زوجية،: “للمرة الأولى أسمع بهذا المصطلح، ومع هذا عملت به، قلت في نفسي تجربة، وعزائي أن زوجتي ستكون أفضل حالا لدى أهلها؛ فبعثت زوجتي، وانتقلت من شقتي إلى شقة زملائي في العمل، والذين لم يتزوجوا بعد، ومر أسبوع كان كفيلا بإعادة الحياة إليّ مرة أخرى، بل حتى زوجتي حين اتصلت بها تلك الأيام وجدت أنها على أفضل حال”. واستمر محمد على أخذ هذه الإجازة حتى بعد أن تم نقله إلى أهله في جدة.