لا يزال التفاوت الشاسع في الأحكام القضائية، التي تصدرها المحاكم الشرعية في البلد، محل اهتمام الرأي العام الشعبي ومصدر نقاش بين المهتمين والمتابعين لشؤون القضاء والقانون. وأعطت قضية سرقة الخروفين التي نظرتها محكمة بيشة وأصدرت فيها حكما بسجن السارقين ست سنوات وجلدهما أربعة آلاف جلدة لكل منهما، دليلا على ما يرى متابعون أنه "عدم تكافؤ" بين الجرم والعقوبة. ثم أتت قضية سرقة الخراف 61 الفي الطائف، والتي حكمت محكمة المويه على سارقيها الاثنين بالسجن ثلاثة أشهر وجلد كل منهما 100 جلدة، لتبدأ المقارنات بين الحكمين اللذين تفصل بينهما فترة أقل من الشهر. ويستخدم متابعو الشؤون القضائية والمهتمون من المواطنين هاتين القضيتين للبرهنة على تفاوت الأحكام أولا، ثم المدى المفتوح لدى القضاة في الأحكام التعزيرية التي يصدرونها دون سقف قانوني يحدد مدى العقوبات بحسب القضايا. وعلى الرغم من أن القضاة يعلمون بتفاصيل خفية عن القضايا والمتهمين قد تدفع القاضي إلى إصدار حكم مشدد، ولكن الفارق في الأحكام كبير إلى درجة تتطلب كشف هذه التفاصيل إن وجدت، لتبرير الحكم. ففي قضية بيشة، صدر الحكم بناء على إدانة المتهمين بسرقة خروفين لا تتجاوز قيمتهما ألف ريال، فيما صدر حكم محكمة المويه بناء على إدانة المتهمين بسرقة 16 خروفا تصل قيمتها إلى ثمانية آلاف ريال. وبالتالي كان من البديهي أن يكون الحكم عليهما أشد من سابقيهم، ولكن العكس هو ما حدث وبفارق لا يُقارن.