من متا بعتي لجريد ة شمس الشبابية لمواضيعها المهمة التي دﺃبت منذ تأسيسها على مشاركة هذا الجيل الواعد الصاعد في همومه واهتماماته، هذا الجيل جرّني إلى ﺃن ﺃكتﺐ بحرقة عن مستقبله والدعم السخي الذي يلقاه مباشرة من خادم الحرمين الشريفين؛ إثر الخبر الذي نشر في جريدة شمس بالعدد 1108 الصادر الجمعة 26 محرم 1430 ه، والمُعنوَن ب(الجامعات البريطانية تحط رحالها في السعودية)، بما حمله معرض التعليم في بريطانيا من هالة إعلامية هلامية عن تلك النوايا التي ينثرها المسوقون ا لبر يطا نيو ن للتعليم في دولتهم.. هالة التعليم البريطاني وما تضمنته هذه الهالة من مفارقات تناقض الواقع. الأمر الذي وددت إيضاحه بإخلاص ومودة لما يعانيه شبابنا المبتعثون السعوديون للبكالوريوس من تشرذم داخل معاهد اللغة الإنجليزية وترقﺐ للقبول الفوري التعجيزي بعد المشروط الابتدائي - إن وجد - وفقا للنسﺐ العالية المتزايدة لاجتياز اللغة الإنجليزية IELTS، إضافة لاجتياز امتحانات السنة التحضيرية Foundation بمعدل مرتفع على الطلبة من خارج بريطانيا وﺃوروبا وغيرهما من امتحانات إكلينيكية خاصة UKCAT للراغبين في كليات الطﺐ والأسنان، مع ما بدﺃ به المجلس الثقافي البريطاني قريبا في مناطق مختلفة بالسعودية متمثلة في الرياضوجدة والدمام خلال معرض التعليم مع بريطانيا؛ لتسويق معاهد اللغة وما يقارب 60 جامعة بريطانية عريقة ومشهورة، لاجتذاب ﺃكبر عدد من الطلبة السعوديين بعدما ضخت السعودية إليهم ما يتجاوز 8000 مبتعث كما نشر خلال فترة قصيرة، كان جلهم في تخصصات عامة لم يكن بينها الطﺐ والأسنان عدا ثلاثة تقريبا ﺃو يزيد من خريجي ثانويات ﺃمريكا ﺃو بريطانيا لأجل الدقة والموضوعية؛ ذلك ﺃن التخصصَين محجوزان فقط للبريطانيين والأوروبيين من بعدهم وممن يشترط عليهم من بعض دول الخليج بمقاعد سنوية منذ سنين، التي ربما ينقص وزارتنا للتعليم العالي والملحقية ا لخبر ة في كيفية ا لتخا طﺐ والتعامل مع هذا الوضع مع هذا الكم الهائل من الطلبة (عفوا في عرف التسويق والزبائن). إن من يطلع على القوائم السابقة للمرشحين من الطلبة ممن حضروا مع آبائهم اللقاءات المناطقية لوزارة التعليم العالي في سعيها لتضمين ا لقبو ل لهم، يلاحظ هذا الاستثناء من عدم تمكن الملحقية الثقافية في بريطانيا ﺃو المكاتﺐ التي اعتمدت عليها الوزارة في إقناع الجامعات ولو بالقبول المشروط في الطﺐ والأسنان.. من الواضح ﺃن التحركات الأخيرة من توزيع الطلبة في جامعات مختلفة دون التركيز على مناطق معينة سياحية كما ﺃعلن، والقرار بزيادة المكافآت 50 في المئة للمبتعثين، ﺃلهﺐ بريطانيا كلها منذرا بزيادة الإيجارات على الطلبة السعوديين، كما ﺃسال الوضع المادي الإضافي من ملا يين ا لجنيها ت، لُعا ب المجلس البريطاني وجامعاته الاستغلالية (وإن كانت دون شك عريقة لكنها تبقى مادية) لاستقطاب ﺃكبر عدد منهم؛ لقرب بريطانيا من الشرق الأوسط ولكثرة الجاليات الإسلامية فيها التي تجتذب السعوديين من الناحيتين الدينية والحياتية من مأكل حلال وسفر وترحال من وإلى بريطانيا مقارنة بأمريكا وكندا وﺃستراليا؛ ما يعطي دعما اقتصاديا للجامعات البريطانية وحتى بريطانيا ذاتها من الأموال الهائلة التي تضخ داخلها، مع عدم إدراك من الملحقية والوزارة للبعد المستقبلي التفاوضي في قرارها الأخير بمنع تركيز الطلبة في بعض الجامعات دون الآخر؛ بحجة التعلم واكتساب اللغة (وإن كان المبدﺃ صحيحا لكن في ظرف مماثل لا يشبه ما يعانيه طلابنا من عقد وتعقيد)؛ لأنها بهذه العجالة ستساعد على عدم فرض شروط ومفاوضات لتسهيل وحجز مقاعد للتخصصات المهمة نتيجة التوزيع من جانبها في مختلف ا لجا معا ت؛ ما يجعل الجامعات الأخرى غير مكترثة بالضغوط والمفاوضات حينما تنتفي معاناتهم من عدم وجود ا لمبتعثين لد يهم من جر ا ء التوزيع الاستباقي. لكن قد يكون ما يحدث دليلا على وجود فجوة منسية بين صانع القرار في وزارة التعليم العالي وبين منفذيه من ملحقيات ومعنيين في الوزارة، مضافا إلى ما يعانيه بعض موظفي ومشرفي الملحقيات من تراكم ﺃعداد كبيرة لديهم بشكل تسارعي لا يمكنهم من الاهتمام والمتابعة بوجه ﺃكمل لكل طالﺐ؛ لينتهي المطاف بتأخير وضياع ﺃوراق وفاكسات تهم الطلبة واستمرارية دراستهم، إلا من يتوجه إليهم ويقطع المسافات من الطلبة بنفسه.. وحتى لا نتجاهل مبتعثي الدراسات العليا في بريطانيا فيما يعانون ﺃيضا في اللغة ومتطلباتها لكن بنسﺐ مغايرة عن الباقين بين طلبة مجدين متمكنين في الأصل وغيرهم من التائهين في دهاليز اللغة؛ لتمتد اللغة لديهم إلى ﺃكثر من سنة تصل لسنتين ﺃحيانا "استهلاك وقت ومال"؛ نتيجة الزيادة في الدرجات المطلوبة عما كانت قبل عدة سنوات، مضافا للمستويات المتدنية التي يأتي عليها هؤلاء الدارسون خاصة خريجي الجامعات باللغة العربية ليبدؤوا من الصفر "ا لعلم في ا لصغر كا لنحت في الحجر"، كما ﺃن البعض من الطلبة المحروقة قلوبهم يستشعر الاستغلال المادي من ناحية مصاريف الدراسة الأعلى ا لمد فو عة للجا معا ت مقا ر نة بطلاب الدول الأخرى العربية والشرق الأقصى وغيرهم الأقل مدفوعات، مع ملاحظتهم خدمتهم في ﺃبحاثهم للدولة البريطانية من إحصاءات وتحليلات وﺃمراض وغيرها كما هو وارد مع الدول الأخرى ﺃيضا، بما كان يستوجﺐ فرضه من الملحقيات ﺃو الوزارة لشروطهما على الجامعات لإرسال الطلبة إليهم، ﺃن تشمل الأبحاث والإحصاءات والأمور التطويرية ولو جزئيا الجوانﺐ التي تمس وتفيد السعودية.. فهل سيكون هذا المعرض مع كل ما تحدثنا عنه وﺃبرزنا جوانبه الخفية فاتحة خير لنقاش ومفاوضات جدية مدروسة لمنفعة الوطن مع المجلس الثقافي البريطاني وغيره من ملحقيات في سفارات الدول لدينا ممن تربطنا معهم علاقات تعليمية ومنح دراسية لطلابنا لديهم؟