تزخر منطقة جازان بالكثير من العادات والتقاليد الشعبية التي تبرز كثيرا في المناسبات الاجتماعية والمواسم السنوية، ويعتبر موسم الحج من المواسم ا لتي ينتظر ها ا لنا س بفارغ الصبر حيث تجرى الاستعدادات لهذا الموسم منذ وقت مبكر وتحتفي به كافة مدن ومحافظات جازان. ويردد الكثير من ﺃبناء محافظة صبيا (ﺃكبر محافظات المنطقة) ﺃهازيج شعبية نسائية في موسم الحج عند وداع ﺃقاربهم من الحجاج، وكذا استقبالهم بعد انتهاء موسم الحج، ومن العادات والتقاليد ا لنسا ئية ﺃ يضا تجميل القعادة، وحناء الحاج، وتزيين المنازل وتبخيرها وتعطيرها، وكذا معدنية النﱠجاب والمغزل وغيرها من العادات الشعبية الجميلة التي اندثر الكثير منها في هذا العصر ولم تبق منها سوى الذكريات الجميلة. وكان الحجاج في محافظة صبيا يستعدون لهذا الموسم قبل موعده بأشهر وتحديدا من بعد عيد الفطر المبارك، حيث يبدﺃ الحجاج في تجهيز رواحلهم من الجمال ويتزودون بمؤونة السفر من النقود ويختارون الرفقة الصالحة الطيبة التي تعينهم على ﺃداء مناسك الحج بيسر وسهولة، وإذا ما حان موعد توديع الحاج من قبل ﺃهله فإ نهم يقيمو ن له حفلا وداعية بهذه المناسبة، ويقال له فيها وداع الحاج حيث يتم وضع الحناء على قدمه وذقنه ويجلسونه على (قعادة) خشبية بعد طلائها بالبويا الحمراء والسوداء ويرددون الأهازيج الجميلة لتوديعه ومنها: وعادة تجبيل القعادة ﺃي تجديد حبالها المصنوعة من الخصف وليف النخل والدوم لا تتم إلا في مثل هذا الموسم، ويقوم بهذه العملية شخص متخصص في النجارة وتجميل (القعايد)، ثم تنطلق بعد ذلك الزغاريد والأهازيج الشعبية وﺃهازيج الأطفال الصغار ومنها: وغيرها من ﺃهازيج الأطفال التي يودعون بها الحاج ويطلبون منه إحضار الحلوى والمكسرات من مكة بعد انتهاء مناسك حجه وعودته لأهله. وبعد انتهاء مراسم التوديع تردد النساء هذه الوداعية الجميلة التي يدعون فيها اﷲ ﺃن يحفظ الحجاج وﺃن يعودوا لديارهم سالمين، ومنها ما ذكره الشاعر والأديﺐ إبراهيم مفتاح: ثم تنطلق قافلة الحجاج التي تتكون من عدد من الجمال والحمير القوية ويتقدمهم شيخ القبيلة ﺃو ﺃحد كبار ﺃعيان القرية حاملين غذاءهم وﺃسلحتهم، وتستمر الرحلة نحو شهرين يقطعون خلالها البوادي والقفار والمحظوظ من يصل إلى الديار المقدسة سالما ويؤدي مناسكه كاملة، وفي العودة ومع قرب الوصول يرسل الحجاج شخصا يسمى (النﱠجاب) ﺃو المبشر يخبر ذ و ي ا لحجا ج و يبشر هم بقر ب قد و مهم و يحصل على هدية مثل مبلغ من المال ﺃو طعام ﺃو نقود من الفضة مكافأة له على هذا الخبر السار، ثم تنطلق بعد ذلك زغاريد الفرح في منازل الحجاج وتضرب الدفوف وتردد الأهازيج الشعبية فرحا بعودة الحجاج، ثم تكشف النساء قعادة الحاج الجديدة التي لا يجلس عليها ﺃحد غيره حيث تغطى بالشوك ولا ينزع عنها حتى يحضر الحاج بنفسه ليكون ﺃول شخص يجلس عليها بعد فرشها بفراش من القطن ووسادات من الليف و مسا ند ملو نة ثم تمد موائد الطعام الشعبي من الحنيذ والمفش والخمير والمرسة البلدي وقهوة القشر المطوة بالزعفران، ويتواصل الفرح بقدوم الحاج ﺃياما عديدة يبتهج فيها الجميع ويعم الفرح كافة ﺃهالي القرية.