(وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبﱢلِتَرْضَى.). هذا هو حال لسان ﺃكثر من ثلاثة ملايين حاج يسعون زرافات، خرجوا من كل فج عميق، ﺃتوا ملبين دعوة إبراهيم عليه السلام، تغشاهم السكينة، لباسهم البياض، ﺃجناسهم مختلفة، لغاتهم متعددة وقلوبهم على عقيدة واحدة، في يوم التروية يتوجه ضيوف الرحمن إلى منى، هو يوم الثامن من ذي الحجة، وسمّي بيوم التروية، كما جاء، حيث يرتوي فيه الحجاج من الماء ويسقون ويستقون، يحرم فيه المتمتع بالحج ويشرع له التطيﺐ والاغتسال بعد صلاة الفريضة ﺃو النافلة وينوي بقلبه ويتلفظ بالنسك قائلا (لبيك حجا)، وإن كان حاجا عن غيره قال: (لبيك اللهم حجا عن فلان)، ويستقر الحجاج جميعا من ﺃحرم ومن كان على إحرامه من مفرد وقارن قبل زوال الشمس ﺃو بعده ويصلون متطهرين خاشعين مستنين بسنة النبي محمد صلى اﷲ عليه وسلم ويقيمون صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، كل صلاة في وقتها ويقصرون الرباعية إلى ركعتين ويدخل في ذلك ﺃهل مكة، حيث النبي صلى اﷲ عليه وسلم لم يأمر ﺃهل مكة بإتمام الصلاة، مستغلين ﺃوقاتهم في تلاوة القرآن وخدمة المساكين، متعارفين متحابين، آمرين بالمعروف وناهين عن المنكر. يوم التروية، من تركه ليس عليه فدية، ويكون قد ترك الأفضل؛ فهي سنة، حيث تتصاعد في هذا اليوم في ﺃرجاء السماء الأصوات، معلنة الاستجابة والتوحيد وإخلاص العبادة ﷲ وحده بقلوب يملؤها الحﺐ والحنين والشوق إلى مولاهم (لبﱠيك اللﱠهم لبﱠيك)، ﺃي يا رب مقيمين على طاعتك بعد إقامة، واستجابة لدعوتك بعد استجابة، مؤمنين بهذا النداء ملتزمين بطاعتك ما ﺃبقيتنا في هذه الدنيا، قاطعين على ﺃنفسنا عهدا. ثابتين مستقيمين على طاعة اﷲ مستجيبين لتو جيها تك منصا عين لأوامرك، عازمين على السير خلف خطى حبيبنا محمد صلى اﷲ عليه وسلم. (لبﱠيك اللﱠهم لبﱠيك، لبﱠيك لا شريك لك لبﱠيك: ) لا شريك لك في العبادة ولا شريك لك في الخلق والإيجاد، ولا شريك لك في ﺃسمائك الحسنى وصفاتك العليا، مرددين قوله تعالى في سورة الإسراء: وَ قُلِ الْحَمْدُ ﷲِ ي لَمْ يَتﱠخِذْ وَلَدا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ الذﱡلﱢالﱠذِ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيﱞ مِنَ وَكَبﱢرْهُ تَكْبِيراً. . مؤمنين بأنك واحد ﺃحد في ملكك، لا شريك لك.