عرف الانكماش الاقتصادي على مر التاريخ بأنه ﺃول ملامح الركود، وهو الوضع الذي تعيشه معظم بلدان العالم في الوقت الجاري؛ الأمر الذي يدل دلالة قاطعة على ﺃن العالم مقبل على مرحلة كساد لا مفر منها بعد إعلان عدد من الدول الكبرى دخول اقتصاداتها مرحلة الركود التي تمثل البوابة الشرعية للدخول في مرحلة الكساد. وكانت البداية بدول منطقة اليورو التي ﺃعلنت 14 نوفمبر الجاري دخولها مرحلة الركود ﺃثر ﺃظهار بيانات رسمية حدوث انكماش في اقتصاداتها بنسبة 0.2 في المئة في الربع الثالث من العام الجاري، وهو ما فسره البعض على ﺃنه استمرار لحالة التراجع التي شهدتها دول المنطقة ال15. ويعتبر الاقتصاديون ﺃن علامات الركود تظهر على الاقتصاد عندما يسجل تراجعا بمعدل النمو في ربعين متتاليين. واللافت للنظر ﺃن إعلان دول منطقة اليورو جاء بعد يوم واحد من إعلان ﺃلمانيا صاحبة ﺃكبر اقتصاد في ﺃوروبا دخول اقتصادها مرحلة الركود للمرة الأولى منذ خمس سنوات؛ حيث كشفت عن تراجع نسبته 0.5 في المئة في نمو إجمالي ناتجها المحلي في الربع الثالث من العام الجاري، وقبل ذلك ﺃعلنت إيطاليا، صاحبة ثالث ﺃكبر اقتصاد في منطقة اليورو، دخولها مرحلة الركود بعد انكماش إجمالي الناتج المحلي في الربع الثالث من العام الجاري بنسبة 0.5 في المئة عقﺐ انكماشه بنسبة 0.4 في المئة في الربع الثاني. فيما يرى محللون ﺃن ﺃزمة الرهن العقاري هي التي ستدفع الاقتصاد الإسباني باتجاه الركود في الربع الأخير من هذا العام. واللافت ﺃن فرنسا ﺃفلتت من هذا التراجع، بل سجل اقتصادها نموا بنحو 0.1 في المئة في الفترة من يونيو إلى سبتمبر الماضيين، في الوقت الذي يتوقع فيه المحللون ﺃن دول المنطقة ستمر بأسوﺃ فتراتها خلال الشهرين المقبلين. وﺃعلنت اليابان 17 نوفمبر ﺃول ركود تشهده منذ سبع سنوات في الربع الثالث وسط انخفاض الطلﺐ على صادراتها بسبﺐ الأزمة المالية، في حين حذر خبراء من ﺃن اليابان قد تواجه ركودا في ﺃربعة ﺃرباع متتالية. وانكمش الناتج المحلي الإجمالي لليابان في الفترة من يوليو حتى سبتمبر بنسبة 0.1 في المئة ليؤكد ﺃن الأزمة المالية العالمية قد ضربت النمو في اقتصاد كبير آخر. وعلى صعيد الاقتصاد الأمريكي كشف تقرير لفرع مجلس الاحتياطي الاتحادي في فيلادلفيا في نوفمبر عن اعتقاد محللين دخول اقتصاد ﺃمريكا مرحلة الركود منذ إبريل الماضي (الربع الثاني من العام الجاري) متوقعا استمرارها 14 شهرا. وتوقع التقرير انكماشا حادا خلال الربع الأخير من هذا العام (من ﺃكتوبر إلى ديسمبر)؛ حيث قلص توقعاته للناتج المحلي الإجمالي رغم ﺃن ﺃمريكا لم تعلن حتى الآن دخولها رسميا في الركود الاقتصادي. ﺃما على صعيد الاقتصاد المحلي فتشير التقارير الاقتصادية إلى تحقيق السعودية معدلات نمو جيدة للعام الجاري، ويتوقع استمرار ذلك حتى العام المقبل. وذكرت مجلة ميدل إيست مونيتور المتخصصة بقضايا المال والأعمال في منطقة الشرق الأوسط ﺃن الاقتصاد السعودي سيحقق نموا هذا العام بمعدل 5.7 في المئة والعام المقبل بنسبة 5.1 في المئة، مرجعة الانخفاض إلى احتمالات تدني ﺃسعار النفط العام المقبل، ومؤكدة عدم تأثر الاقتصاد السعودي بذلك. مشيرة إلى صلابة الاقتصاد السعودي ومقوماته الرئيسية التي ستؤهله بسهولة لمواصلة المشروعات التنموية على الرغم من الضغوطات المالية التي تتعرض لها الاقتصادات العالمية، لافتة إلى ﺃن السعودية تعد من ﺃكثر دول مجلس التعاون الخليجي تأهيلا لاستمرار معدلات النمو في اقتصادها الوطني، وهو ما ﺃكده إبراهيم العساف وزير المالية على هامش اجتماع وزراء المالية الخليجيين ومحافظي البنوك المركزية في 25 ﺃكتوبر بالرياض، وذلك حين ﺃشار إلى ﺃن اقتصادات دول المجلس تنعم بمؤشرات كلية قوية، متوقعا ﺃن تتراوح معدلات النمو بين 4 في المئة 6 و في المئة في ظل اتجاه معدلات التضخم للانخفاض. وتستند السعودية إلى احتياطات نقدية ضخمة تبلغ نحو 1.623 تريليون ريال حتى نهاية سبتمبر الماضي، وفقا لأحدث إحصائية لمؤسسة النقد، وتضاعفت هذه الاحتياطات خلال السنوات الثلاث الماضية 2.6 مرة محققة نسبة زيادة بلغت 162 في المئة؛ حيث كانت في حدود 619 مليار ريال عام 2005.