محاربة الفساد والغش التجاري عمل جبار ونبيل، ويصعب أن يحقق أهدافه دون أن يكون ثابتا على منصة النزاهة والبعد عن مواطن الشبهة، وإلا أصبح جهة غامضة تستدعي الحيرة والتساؤل. حين أقر مجلس الوزراء تنظيم جمعية حماية المستهلك برقم «3» وتاريخ 12/1/1429ه وهدفها كما جاء في المادة الرابعة «العناية بشؤون المستهلك ورعاية مصالحه والمحافظة على حقوقه والدفاع عنها وتبني قضاياه لدى الجهات العامة والخاصة وحمايته من جميع أنواع الغش والتقليد والاحتيال والخداع والتدليس في جميع السلع والخدمات والمبالغة في رفع أسعارهما ونشر الوعي الاستهلاكي لدى المستهلك وتبصيره بسبل ترشيد الاستهلاك»، ومن ذاك الحين كان للجمعية جهود في حماية المستهلك لعل آخرها تعهد الجمعية بأنها ستدرس جميع الحالات المتضررة من مشاكل مثبت السرعة في السيارات التي ترد إليها وتتحقق من صحتها ومن ثم ستطالب بحقوق المتضررين أمام الجهات المعنية والقضائية وأنها ستقف في صف المستهلك أمام تلك الجهات حتى يرجع الحق إلى أهله. إلا أن النظر في موارد الجمعية التي أقرها مجلس الوزراء والمنشورة في موقع وزارة التجارة الإلكتروني وتحديدا في «المادة الثامنة عشرة البند «ه» يضع أمامنا علامة دهشة، حيث يحق للجمعية قبول الهبات والتبرعات والوصايا والأوقاف والمنح! وذاك من شأنه أن يطرح كثيرا من الأسئلة حول مصداقية الجمعية في حماية المستهلك من الغش وقبولها الأعطيات تحت مسميات مختلفة، كيف تكون الموازنة بين قبول الهبة والمحاسبية، إنها معادلة مستحيلة وغريبة، كيف لها أن تخرج من مطب «عطوني وإلا بخرب عليكم»؟ إضافة إلى كونها جمعية أهلية تتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة! لماذا لم تكن الجمعية جهة حكومية وليست أهلية؟ بالذات بعد مدة من اعتمادها تأكد فيها للمعنيين صلاحيتها من عدمه، حتى تلغي الريبة وتمنح المستهلك جهودها وإخلاصها ووعيها دون مواربة أبواب قد تفتح للشك والشيطان ألف طريق. وكيف للمستهلك أن يصدق حماية الجمعية ويلجأ إليها ويثق بأنها ستكون في صفه وتنصفه، في حين يلوح الجانب الآخر بجيوب منتفخة؟