جميع الآيات الكونية تدل على عظيم صنع الله الذي أحسن كل شيء صنعا، وهو صنع تتجلى فيه قمة الإبداع والإتقان في كل تفاصيله، ولعلنا إذا نظرنا إلى الكون من حولنا بكل ما فيه من غموض واتساع نتوصل إلى حقيقة قدرة الله وإعجازه، ومن ذلك نشأة اليابسة علي الأرض التي تعتبر إحدى صور الإعجاز الإلهي في الخلق. يشير الدكتور زغلول النجار إلى أن حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، الذي قال فيه «كانت الكعبة خشعة علي الماء فدحيت منها الأرض» رواه الزمخشري. يوضح حقيقة تلك النشأة، فالخشعة هي الهضبة الصغيرة، ظل العلماء مندهشين من هذا الحديث إلى أن جاء العلم في القرن العشرين ليؤكد أن الكعبة في إحدى مراحل نشأتها كانت مغمورة بالماء غمرا كاملا من جميع الجهات، ولم تكن هناك يابسة علي الإطلاق، فشاء الله أن تحدث صدوع عميقة في الأرض أخرجت معها أطنانا من الحمم البركانية التي غطت سطح هذا المحيط المائي مكونة سلسلة من الجبال الضخمة، ومع شدة انبعاث الحمم ظهرت قمة من الأرض مرتفعة عن باقي المحيط بها وكانت تلك أول قطعة يابسة تعرف على الأرض ومع استمرار التدفق البركاني ظلت هذه القطعة اليابسة في الاتساع إلى أن كونت قارة كاملة. ومع استمرار الصدوع المتتالية لتلك القارة، انقسمت تلك القارة الواحدة إلى أجزاء مختلفة مكونة القارات التي نعرفها الآن، أما الدحو في اللغة فلا يعني التكوين إنما هو المد والبسط والإلقاء وهو وصف دقيق لثورة البركان، وهذه الظاهرة تحدث عنها النبي، صلى الله عليه وسلم، في حديثه بدقة متناهية.