قال المشاركون في أعمال اللقاء الوطني للخطاب الثقافي السعودي الرابع، أن بيروقراطية أجهزة الدولة، والضعف الأخلاقي، وبطء اتخاذ القرار السياسي، والتكتم، والمتشددين، من أهم التحديات التي ساهمت في عدم تفعيل الإصلاح بالمملكة. ورأى الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي الدكتور صالح الوهيبي، خلال حديثه في محور «التحديات التي تواجه برامج الإصلاح والتطوير في المجتمع السعودي» في قاعة مكارم بفندق ماريوت بالرياض أمس أن البيروقراطية التي ضربت بأطنابها في أجهزة الدولة تكاد تشل أي جهد إصلاحي؛ بسبب رتابة العمل وبطء الإجراءات «بعض الأنظمة التي خرجت من مجلس الشورى لم تر النور منذ أعوام ومازلنا نعيش على بعض الأنظمة القديمة». وأضاف «التحدي الثاني الذي نواجهه عدم وجود ثقة ببرامج الإصلاح وما وراءها من نوايا ليبرالية أو تهدف إلى إضعاف بعض الناس، ومن ثم نجد الاستجابة لتلك البرامج تكون سلبية إلى حد ما»، مشيرا إلى أن التحدي الثالث هو الشك في كثير من برامج الإصلاح والنظر إليها على أنها وسيلة للنصر «رأينا ذلك في بعض البلدان العربية مثل مصر واليمن وتونس، وسورية، وهناك أيضا عدم اطمئنان لهذه البرامج، وأن الهدف والنوايا وراءها غير صافية». وأوضح الوهيبي أن الشفافية هي السبيل لتخطي هذه الصعاب، وحتى يطمئن الناس بأن هذه المسيرة واضحة وشفافة وصادقة، إضافة إلى وضع آليات لإشراك المواطن في مراجعة خطوات الإصلاح ونقدها من خلال مؤسسات المجتمع المدني أو أي آلية أخرى، وجعل الأمور مفتوحة واعتماد الكفاءة والأهلية عند الإسناد للمناصب للأفراد واعتماد آلية واضحة وشفافة عند التعيين للمناصب الكبيرة. إلى ذلك أكد الدكتور عبدالرحمن الدعجاني، أن الإصلاح والتطوير ليس قضية وإنما عملية مستمرة ومتواصلة، مشيرا إلى أن هناك تحديات تتعلق بالتخطيط والقضاء والتعليم والرقابة والأسرة، مضيفا أن الضعف الأخلاقي وغياب الأمانة والحياء عامل مشترك يتربع على قمة هذه التحديات. وتابع «نحن في مجتمع مسلم ولكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء، وإذا غاب الحياء والأمانة فسيقف تحديا كبيرا للمجتمع، فنحن لا نفتقر للأنظمة ولدينا المئات بل مجلدات من الأنظمة واللوائح والقواعد والشروط والإجراءات ولدينا العديد من الكوادر البشرية المؤهلة على مستوى العالم العربي من الرجال والنساء صرفت عليهم مليارات الريالات ومع ذلك لم تدفع لعملية الإصلاح والتطوير نحو المتوقع، وكذلك لدينا أطر تنظيمية لأجهزة الدولة ومع ذلك لم تتم هذه الهياكل في عملية الإصلاح والتطوير، كما لدينا أجهزة رقابية ولكن للأسف هذه الأجهزة لا تفعل بالشكل المطلوب». في السياق أكد عضو الغرفة التجارية الصناعية بجدة الدكتور عبدالله دحلان، وجود عقبات كبيرة جدا تواجه الإصلاح والتطوير وهناك مطالب شعبية «الحقائق على أرض الواقع تقول إن أي إصلاح يحتاج إلى قرار سياسي والقرار السياسي في بلادنا لديه ولادة متعسرة أو صعبة لا يخرج إلا ببطء، وعليه فنحن وضعنا برامج ولكن لم تفعل وبالتالي فإن بطء اتخاذ القرار السياسي ساهم في عدم تفعيل الإصلاح والتطوير». وأوضح أن أي إصلاح اجتماعي أو اقتصادي يحتاج إلى دعم مادي في التخطيط لتوجيه موارد الدولة لحاجات أفراد المجتمع، مضيفا أن عدم وجود ذلك يؤدي إلى الفقر والبطالة ونقص في الخدمات من منطقة عن أخرى بين مناطق المملكة. وذكر دحلان أنه يرى أحيانا أن المتشددين والمفرطين من أهم التحديات التي تواجه برامج الإصلاح والتطوير «المتشددون وقفوا عائقا أمام بعض برامج الإصلاح والتطوير، وأتمنى أن نحيد هؤلاء المتشددين، وأيضا المتهورين بآرائهم الإصلاحية، وهؤلاء نطالب بتجميد دورهم؛ لأننا نريد الاعتدال في الطرح ونريد من المتشددين الحوار المنطقي». من جهة أخرى، أكد الكاتب الدكتور حمزة السالم، أن التكتم الموجود في المجتمع يعيق الإصلاح والتطوير «التكتم موجود من ناحية الدولة ومن الناحية الدينية، والعلماء يخرجون من اجتماعاتهم بقرارات نحن لا نعرف حيثياتها وهذا التكتم يجعل المجتمع جاهلا». أما الدكتور أحمد بن سعيد، فيرى أن العقبة الكبرى التي تواجه المملكة هي عدم وجود أجندة واضحة ومحددة المعالم لهذا المشروع الإصلاحي «الإصلاح ليس خطابا رومانسيا، وإنما فعل يتبلور على الواقع» مؤكدا أن الإصلاح في جميع المجالات يتطلب مشاركة أطياف المجتمع مع التحول الإصلاحي. وشدد ابن سعيد على قدرة الدولة لإحداث إصلاحات كثيرة وحازمة «نعلم أن الدولة السعودية كافحت عهودا واستطاعت التغلب على الكثير من العوائق الاجتماعية من أجل حداثة الإصلاح والتطوير»