مثلت التوصية التي اختتم بها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، أول أمس، جلساته التي عقدت تحت عنوان «الإصلاح والتطوير في المجتمع السعودي»، جسراً جديداً لتوثيق المفاهيم المطلوبة، ووضعها في أطرها الفعّالة لتكون مرجعيّة لأصول عملنا في المرحلة المقبلة. لا ينكر أحد، أن منظومة الإصلاح الجارية في بلادنا حالياً، ويقودها خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، لا تعالج مكامن الخلل الموجودة، أو تواجه التحديات فقط، ولكنها تسعى لاستشراف مستقبل عملية الإصلاح والتطوير. وإذا كانت التوصية بتشكيل لجنة تتولى صياغة رؤية وطنية، تكون مرجعاً للعمل على تحقيق الإصلاح والتطوير، مهمّة في هذا الإطار، إلا أننا أيضاً يجب أن نتجاوز مجرد التوصيات وتشكيل اللجان، إلى بداية عملية على الأرض، تعي أولاً مفهوم الإصلاح وضرورياته واحتياجاته التدريجية والمتوافقة مع ظروف كل مراحله.. ومن أول هذه التحديات، البيروقراطية التي اعترف المشاركون بأنها «ضربت أجهزة الدولة ،وتكاد تشل أي جهد إصلاحي بسبب رتابة العمل وبطء الإجراءات».. ولنعترف جميعاً، أن لدينا العديد من التوصيات والقرارات، التي لا تزال حبيسة الأدراج، وعندما نسمع عنها، نفاجأ بأنها قديمة، وربما كان ذلك سببا في العديد من نظرات الشك لبرامج الإصلاح.. وربما يكون السبب أيضاً من عدم اطمئنان كما يحدث في بعض البلدان العربية، واعتبار أهدافها مريبة. ولنعترف أيضاً، بأننا في حاجة لمزيد من الشفافية، كي يطمئن الناس، والأهم، أننا أكثرحاجة لدمج المواطن في عملية البرمجة الإصلاحية، من أجل تحقيق أقصى شراكة ممكنة في مراجعة خطوات الإصلاح، كذلك وضع آليات تضمن إشراك المواطن والمواطنة دون أن تكون هذه الشراكة صورية أو معنوية، دون أن ننسى بالطبع اعتماد عنصري الكفاءة والخبرة في كل المناصب. ولعلّ من الضروري أيضاً، ونحن نعتمد الإصلاح منهج حياة مستمرة، أن نسعى لتفعيل الدور الرقابي العام، الذي يعيد التوازن بين ما هو مخطط له، وبين ما يجري تنفيذه، وإعادة الاعتبار إلى هذا المنهج ليكون جزءاً أخلاقيا من المظومة العامة. نحن في حاجة بالتالي، إلى صياغة واقع جديد، يجب أن نتضامن فيه جميعاً دون استئثار أو استحواذ أو تجاهل، مستقبل هذا الوطن بأيدينا، ومقدراته ملكنا، وصيانتها والحفاظ عليها جزء من مسؤوليتنا المشتركة.