كشفت دراسة أعدتها غرفة تجارة وصناعة الرياض، من خلال أحد القضايا التي سيتم طرحها في منتدى الرياض الاقتصادي لهذا العام، أن المملكة تواجه مشكلة كبيرة في النقل داخل لمدن الكبرى وخصوصا في المدن الرئيسة «جدة، الرياض، مكةالمكرمة، والمنطقة الشرقية عموما» وقد أدى ذلك إلى تكدس السيارات في الطرقات، مما يحتم وضع تصور لحل جذري لهذه المشكلة، وتهدف الدراسة، إلى إيجاد حلول لمشكلة النقل داخل المدن بالتركيز على المدن الرئيسة، إذ يلاحظ انعدام النقل الجماعي بالحافلات الكبيرة داخل المدن، إذ لا يوجد غير النقل بالحافلات الصغيرة أو ما يعرف بالكروساتو التي لا تسع أكثر من 15 راكبا، وهي تستعمل غالبا من قبل العمالة الوافدة، إذ إن المواطن السعودي يستعمل السيارات الخاصة في تنقلاته، وتعتبر الرياض من أكثر العواصم العالمية التي تبلغ نسبة السيارات للسكان فيها 1 إلى 3 «أي من بين كل ثلاثة مواطنين هناك واحد يمتلك سيارة». وينتظر أن تشتمل الدراسة العديد من العناصر الأساسية ومن أهمها دراسة الوضع الحالي للنقل الداخلي داخل المدن الكبيرة ك«جدةومكةالمكرمةوالرياض والمنطقة الشرقية» وذلك من حيث عدد السيارات وسعة الطرق والخطط المرورية والخطط الإسكانية، وكذلك تحديد المشكلات وحصرها وتحديد أسبابها التي أدت إلى الوضع الحالي للنقل داخل المدن، وتحديد الجهات ذات العلاقة والمرتبطة أساسا بمشكلة النقل الداخلي واستعراض مدى تأثيرها على المشكلة. وستتضمن الدراسة الاطلاع على تجارب الدول الأخرى في مجال النقل لمحاولة الاستفادة من تلك التجارب التي تتلاءم مع طبيعة المملكة وإمكانياتها، وكذلك إجراء دراسة ميدانية مدعمة باستبيانات ومقابلات مع جهات الاختصاص والمواطنين؛ لمعرفة وجهة نظرهم للمشكلة ومقترحاتهم لحلها، ووضع رؤية واقتراح أساليب جديدة وعملية يمكن تطبيقها لتقليل الآثار السلبية لهذه الظاهرة. وخلال ذلك يفتتح منتدى الرياض الاقتصادي في دورته الخامسة التي تقام تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين خلال الفترة 17-20/12/2011 أحد أبرز القضايا التي شغلت الرأي العام ودوائر الاختصاص والمتعلقة بقضية النقل داخل المدن، حيث تبرز دراسة «النقل داخل المدن» كأحد أهم الدراسات الخمسة التي سيتناولها المنتدى. وعمد المنتدى إلى تشكيل فريق لمتابعة الدراسة وعقد عدد من ورش العمل، حيث قدم مجموعة من الخبراء والمختصين من القطاعين العام والخاص عددا من المقترحات والرؤى الهادفة لتطوير قطاع النقل داخل المدن. جاء ذلك في حلقة النقاش الثالثة التي أقامها «منتدى الرياض الاقتصادي» بمدينة الدمام أخيرا لدراسة «تطوير النقل داخل المدن»، حيث حظيت الحلقة بحضور 46 من المختصين والمسؤولين الحكوميين والأكاديميين ورجال وسيدات الأعمال، قدموا فيها 21 مقترحا جديدا لإثراء ودعم الدراسة. وركزت مقترحات المشاركين على ضرورة إنشاء قطار للأنفاق، وإنشاء شبكات لمراقبة الطرق وتحديد أماكن الازدحام المروري وتوجيه السيارات إلى الطرق الأخرى وإنشاء هيئة للمرور. كما دعا المشاركون إلى ضرورة دعم قطاع النقل بصورة توازي أهميته، مؤكدين أن القطاع يؤثر على معظم القطاعات الاقتصادية الأخرى فضلا عن البحث عن وسيلة مجدية لنقل المرأة وتوفير مواصلات عامة آمنة ومريحة لها. وكان الدكتور حسن الملا نائب رئيس مجلس أمناء منتدى الرياض الاقتصادي قد أكد على أهمية الدراسة المستمدة من حجم المشكلات المتراكمة لقطاع النقل داخل المدن من ازدحام في الطرقات وحوادث مرورية فضلا عن تلوث البيئة الذي فاقم من المشكلات الصحية للمواطنين، إضافة إلى الآثار الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي انعكست على المجتمع جراء مشكلات هذا القطاع. واستعرض المشاركون في الحلقة عددا من المشكلات التي تواجه النقل داخل المدن منها النقل المدرسي والنقل العام داخل المدن وما يترتب عليه من استخدام وسائل النقل الخاصة ما يزيد من حجم الازدحام المروري. ويمثل النقل داخل المدن الكبرى مشكلة تواجه أغلب الدول خصوصا النامية منها، وذلك نتيجة إلى تمركز الخدمات في المدن الكبرى والعواصم على وجه الخصوص. وقد واجهت بعض الدول مشكلات مستعصية نتيجة لذلك، الأمر الذي حدا ببعض الدول بنقل عواصمها إلى مدن أخرى كما في نيجريا مثلا، إذ نقلت العاصمة من كانو إلى أبوجا حلا لمشكلة التكدس السكاني وازدحام الطرق مما عطل عجلة العمل. كما أن بعض الدول كالمغرب مثلا جعلت الرباط عاصمة إدارية أو سياسية والدار البيضاء عاصمة اقتصادية وأغادير عاصمة سياحية تفاديا للازدحام المروري ما يؤدي إلى تأخير وتعطيل الأعمال، واستهلاك أكثر للطاقة وتلوث البيئة، وكل ذلك يؤثر سلبا في النمو الاقتصادي واستدامة التنمية. وترتبط مشكلة النقل داخل المدن بالسياسات العامة للدولة، إذ إن التفاوت في التنمية في المناطق يؤدي إلى الهجرة الداخلية للمدن الكبرى وخصوصا إلى العاصمة، وذلك لوجود الخدمات من صحة وتعليم وخدمات أخرى، وعليه لا يجب أن ينظر للمشكلة بمعزل عن المشكلات الأخرى المرتبطة بها.