تعتبر مكةالمكرمة واحدة من أقدس البقاع في العالم والأقدس للمسلمين، حيث يحج إليها قرابة ثلاثة ملايين مسلم من مختلف دول العالم، إضافة للعدد الذي لا يحصى ممن يأتون للعمرة. السياحة الدينية هي المحفز لهم جميعا ليأتوا إلى مكة من قرابة 140 دولة حول العالم لتكون من أكبر المناطق جذبا للسياحة هذا العدد الكبير من الزوار والمعتمرين والحجاج الذين يتحدثون بمئات اللغات، وقد قدموا إلى بلد لم يزوروها من قبل؛ لذا فهم يواجهون مشكلة في فهم واستيعاب اللوحات الإرشادية خاصة عند انتقالهم من مكان لآخر مع الكم الهائل من حجاج بيت الله الحرام، ومن هذا المنطلق فقد عمل أحد الباحثين دراسة حول ذلك فقد تمكن من تحويل اللوحات الإرشادية بمكةالمكرمة والمشاعر إلى علامات بديلة ومعبرة، يمكن فهمها من جميع الزوار مختلفي الثقافات واللغات والأميين الذين يزورون مكةالمكرمة طوال العام ويحتاجون إلى مرشد. وقال الباحث سعيد العمودي ل«شمس» إن هذه الدراسة تركز على كيف تكون معبرة وناقلة للمعلومات لمختلف الثقافات واللغات. تم اختيار طريقة للبحث لإثبات النظرية وتسمى العمل الإبداعي creative work وهي محاولة إثبات النظرية بالتطبيق، فلهذا العمل تم تصميم علامات بصرية للمشاعر المقدسة «منى، عرفة، مزدلفة، الجمرات والحرم المكي» وذلك بإيجاد رابط وعلاقة لما يراه الحاج في العلامة البصرية وبين ما رآه في مختلف وسائل الإعلام أو ما يقوم به أثناء حجه أو زيارته. هذه الدراسة طبقت نظريات صورة المدينة City Imaging في الدراسات الإعلامية وخاصة فيما يتعلق بمدن الطبقة الثانية Second Tier City وأيضا استخدم الباحث نظريات محو الأمية الإعلامية Media Literacy إضافة للتحليل البصري Visual Analysis لتحليل تصاميم العلامات البصرية. وأبان العمودي أن اللوحات الإرشادية موجودة بمكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، ولكنها في الغالب تكتب باللغة العربية والإنجليزية وذلك لصعوبة كتابتها بكافة اللغات مما يصعب على الذين لا يتحدثون هاتين اللغتين والأميين خاصة أن عددا كبيرا من الحجاج والمعتمرين يأتون من دول فقيرة. وحتى تفهم اللوحات وتكون سهلة الاستخدام كان لابد من أن يكون المفهوم الرئيسي نابعا من الممارسة الفعلية للحاج في موسم الحج من خلال دمج الزمان والمكان أو الحاج في اللوحة البصرية، مشيرا إلى أن الفكرة التي قام بها تمثلت في نموذج دراسة مدينة مكةالمكرمة وهي وجهة المسلمين للسياحة الدينية بتحويلها إلى مدينة بصرية، وحثه على ذلك علمه بالتحدي الكبير الذي يواجه حكومة المملكة والذي يتمثل في اختلاف الثقافات واللغات ومستوى التعليم لزوار مكة الذين يأتون من كل أنحاء الأرض وعلى مدار العام، مما جعله يفكر في أن يكون بحث التخرج عملا إبداعيا يسهم في حل هذه المشكلات بتصميم علامات مرئية للمشاعر المقدسة شملت الحرم المكي الشريف ومنى ومزدلفة وعرفة، تركز على أبرز المعالم الموجودة في المكان. وسيبحث العمودي في المستقبل إمكانية استفادة أعمى البصر والمصابين بعمى الألوان مع المختصين من الأطباء وغيرهم للاستفادة من هذه اللوحات. وتمنى العمودي تحويل تلك الشعارات إلى تطبيقات تفاعلية يمكن تحميلها على الأجهزة الكفية والجوالات كذلك الاستفادة من شركات الألعاب التفاعلية كمايكروسوفت وسوني PlayStation وتنفيذ لعبة يمكن من خلالها تطبيق مناسك الحج بالحركة وبطريقة السؤال والجواب حتى يتقن الحاج أداء نسكه دون أخطاء وهذا بدوره يسهم في تخفيف الأعباء على المسؤولين. يذكر أن البحث نال استحسان المشرفة ورئيسة قسم الإعلام الإبداعي بالكلية بجامعة برايتون، الدكتورة تارا برابازون، كما أنها طلبت من الطالب العمودي إضافة البحث إلى كتابها بعنوان «صورة المدينة» الذي سيصدر قريبا، وذكرت في خطابها للطالب أن الدراسة التي قام بها هي نموذج جديد في المزج بين الخلفية الثقافية والدينية للمدينة واستخدام الأدوات العصرية الإبداعية لتحقيق الأهداف. كما رفعت خطابا إلى السفير السعودي تشير فيه إلى أداء العمودي الفعال أثناء دراسته. حاليا يدرس الباحث العمودي الدكتوراه في الإعلام الإبداعي بجامعة سالفورد ببريطانيا وموضوع رسالته «تحويل مكة لمدينة إبداعية» وذلك من خلال دراسة وتحليل النماذج القائمة من المدن الإبداعية ثم محاولة الاستفادة من النماذج الناجحة وكيفية تطبيقها في مكةالمكرمة. يذكر أن جامعة سالفورد شاركت مع أكبر المؤسسات الإعلامية بإنشاء المدينة الإعلامية في بريطانيا، والتي ستضم مقر BBC وI TV واستوديوهات عالمية إضافة لقسم الإعلام في الجامعة .