وجه عدد من الفنانين المشاركين في معرض فني تم تنظيمه أخيرا في جدة عتبهم على بعض الجهات المسؤولة كونها لا تلتفت كثيرا إليهم، إضافة إلى عدم مساهمتها في تثقيف الجمهور بالفن التشكيلي والمساهمة في تقدير الأعمال الفنية، مؤكدين أن أغلب أعمالهم الفنية تجد قبولا وإشادة في المعارض التي تقام خارج البلد، في مقابل أن المعارض المحلية لا تجد ترحيبا لا من الجهات المسؤولة ولا من المتلقين بشكل عام. الفنان أحمد القاضي، فنان رقمي، حمل الجهات الرسمية مشكلة عدم تلقي الفنان وأعماله الفنية، «من المحزن جدا أن تلقى الفنان وأعماله خارج المملكة يتفوق كثيرا عن تلقيه داخلها، والجهات الرسمية تدخل ضمن إطار المتلقين، فهي لا تعي كثيرا أهمية الفنون التشكيلية» وأضاف «المسألة مسألة وعي ثقافي، ففي الخارج يقام المعرض بحضور نخبة من المثقفين والواعين الذين يتداولون الفن ويقدرونه وبالتالي ربما يكون هناك اقتناء لأعمال الفنان وهذا يدعم الفن معنويا قبل دعمه ماديا من أجل مواصلة العطاء، بينما عندنا تقام المعارض فيحضر عدد كبير من الناس، قلة منهم تستطيع أن تسميهم المتذوقين». وقد كشف كثير من الفنانين ل«شمس» أن أكثر ما يحزن الفنان السعودي هو ضياع مجهوداته وعدم وجود التقدير والاهتمام بأعماله الفنية، إضافة إلى ضياع مجهوده واستغلاله في بعض الأحيان، كما أن الصراع الذي يواجهه ذلك الفنان على الساحة الفنية فقط ليظل اسمه وترى أعماله النور يبقى هاجسا عنده مع إطلالة كل معرض يقام، كل ذلك بغية أن يجد الفنان له مكانا بين الكبار وصانعي القرار. ويشير بعض الفنانين إلى أن الهدف الأساسي من القائمين على هذه المعارض الفنية التي تتمثل في الكسب المادي فقط تحول بينهم وبين إبراز العمل الفني للجمهور المتذوق، ويقول أحدهم «الكسب المادي هو الذي يسيطر على كثير من القائمين على هذه المعارض دون أدنى اعتبار للجهد والفكر الذي أرهق الفنان. مؤكدين أن كثيرا من المعارض الفنية تقتصر على أساس المحسوبية، وهذا ما يضعف الأعمال ويقلل من قيمة المعارض عند الجمهور عندما لا يجدون ما يستحق المتابعة». المصور الفوتوجرافي سعود محجوب اعتبر أن الفن يعني أمرين مهمين، الفنان والمتلقي، ولا بد للمتلقي أن يستمتع بهذا الفن وإلا لما أصبح للعمل قيمة «لزاما أن تكون هناك أماكن يتلاقى فيها الفنان والمتلقي، ما يوحي بضرورة تواجد معارض من هذا القبيل ليتلاقح الفنان مع الجمهور المتذوق للفن، ليحصل بذلك الاستمتاع، وبالتالي اقتناء بعض هذه الأعمال، لأنها بذلك تعطي للفنان روحا وحيوية للقيام بأعمال أفضل في المستقبل. من جانب آخر، أوضح أحمد القاضي، أن هناك فجوة واضحة بين الفنان والمتلقي، والمشكلة أن مجتمعاتنا بعيدة عن تلقي وتداول الفن «توجه الناس وثقافاتهم لا تتجه بشكل مباشر إلى الفن التشكيلي، إنما لها توجهات أخرى التفتت لها منذ فترة مبكرة وهي التي تشغل أوقاتهم»، وأحال القاضي دور نشر الفن التشكيلي بين الجمهور إلى الفنان نفسه، كونه هو المسؤول بالدرجة الأولى عن إقامة المعرض الفني. على زاوية المعرض لفت الحضور عملا فنيا يطلق عليه «فن الكولاج» وهو ما يسمى «فن التلصيق» وهو فن يعتمد على إلصاق العديد من المواد معا على لوحة العمل لتصبح لوحة فنية تستحق المشاهدة والمواد هذه تشمل أي شيء يتواجد على سطح الكرة الأرضية ويراه الفنان مناسبا لصنع لوحته. الفنانة الشابة هناء باناعمة تميزت كثيرا في هذا الجانب «لوحتان بعنوان قهوة وحاسوب، وهما رمزان اخترتهما للدلالة على الشخصية التي تعمل دائما باستمرار، وهذه الشخصية تحتسي المزيد من القهوة لإنتاج المزيد من الأعمال عبر الحاسوب». وأضافت «قد تكون اللوحات بحاجة إلى شرح، إلا أن بعض الكلمات أو الأدوات المستخدمة تساهم في إيصال معنى اللوحة إلى المتلقي، وفي الغالب العمل يكون جماليا أكثر من كونه يعكس الواقع». ويرى الفنان فيصل الخليدي أن الجمهور يتذوق كثيرا الأعمال الفنية «الفنان نفسه هو من يفرض نفسه على المتلقي.