أسهم معرض “لوحة في كل بيت”؛ الذي درج على تنظيمه أتيليه جدة في العامين السابقين، في إشاعة الجمال في أوسع نطاق ممكن، بعد أن ظلت القاعات والمعارض محضنه الأول.. فالخطوة التي قام بها المعرض بتحديد أسعار مناسبة وفي متناول الجميع للوحات المعروضة مكّن الكثيرين من اقتناء هذه اللوحات، وتزيين دورهم بها.. وعلى ذات النهج جاءت الدورة الثالثة من هذا المعرض الذي انطلقت فعالياته الأسبوع الماضي بأتيليه جدة، ويستمر حتى نهاية الأسبوع المقبل، مقدمًا للجمهور فرصة كبيرة لاقتناء اللوحات، الذي أكد حضوره القوي منذ افتتاح المعرض نظرًا لمشاركة أسماء ذات ثقل ووزن في الساحة التشكيلية المحلية والعربية، فكان التدافع كبيرًا نحو اقتناء هذه اللوحات المميزة التي ضمها المعرض. رسالة سامية الفنان أحمد الخزمري قدم لوحاته في هذا المعرض قارئًا معها نجاح المعرض بقوله: لا شك أن هذا المعرض يعد احتفالية مميزة تتنوع فيها الأساليب والرؤى والطرح، كما تمثل التقاءً حميمًا لجميع الفنانين المشاركين وغير المشاركين بالمجتمع عمومًا، ففي كل عام يأخذ أتيليه جدة للفنون الجميلة على عاتقه تنظيم هذه الاحتفالية والاهتمام بالمتلقي أيًا كان؛ بل شجع الفنانين على التواصل مع المجتمع من خلال هذا العرض، وأن يكون هذا النتاج في كل بيت للتعريف بالفنان السعودي وانتشار أعماله، نظرًا لمحدودية أسعار الأعمال المعروضة وإمكانية اقتنائها من الأشخاص العاديين الذي كان من أهم أهداف إقامة المعرض سنويًّا، وآمل أن تكون الرسالة قد وصلت للمجتمع؛ فالفنان بطبعه محب ومتجاوب لكل النشاطات التفاعلية، أتمنى أن يكون هذا العرض على نطاق أوسع، وأن يقام في جميع مدن المملكة ومشاركة جميع الفنانين السعوديين وغير السعوديين بالمملكة ليصل الفن فعلًا إلى كل بيت. عرس فني أما الفنان طلعت عبدالعزيز فيصف المعرض ب “العرس الفني والكرنفال التشكيلي”، ماضيًا إلى القول: دأب أتيليه جدة سنويًّا وفي نفس الموعد على تقديم هذه الوجبة الدسمة والمتنوعة لأحدث أطياف الفن التشكيلي في لوحات صغيرة حوت في مضامينها كل ألوان الطيف الفني في احتفال شعبي ومؤتمر فني لعشاق هذا النوع من القطع الصغيرة، حيث أكد بكل جدارة واقتدار نجاحه للعام الثالث علي التوالي على سائر المعارض الفردية الأخرى، التي تتسم بسياق وطرح تشكيلي واحد.. لكن في هذا الكرنفال الفني تنوعت المدارس وتنوعت الأساليب والأطر الفنية وتشابك المحدثون مع المخضرمين من جميع الأقطار ومختلف الثقافات والتحولات الفكرية والحضارية.. نحن أمام سوق عربي فني مشترك في مهرجان تصافحت فيه جميع الأيادي ليؤدي رسالة مجتمعية نحو توجيه الذائقة البصرية وإشاعة الجمال لدى شريحة العامة من الناس.. أصبح الآن بمقدور حوائطنا أن تتزين وأن تحتفي بفن رفيع ومستوى عال من التكنيك والفكر الحديث.. أصبحت الآن اللوحة بمقدور الجميع أن يقتنيها فقد عقدت اللوحة الصغيرة صلحًا بين الفنان والمتلقي وأذابت الفوارق وطمأنت الجيوب وبدلت النظرة المجتمعية. متعة الفرجة في هذا المعرض طويلة وشاقة والتمعن لا تكفيه نظرة ولا اثنتين وسط هذا الحشد من الفنانين الذي تجاوز المائة وعشرين فنانًا من شتى أصقاع الوطن العربى وتستدعيك هذه المتعة البصرية للزيارة مرات ومرات دعوة لشريحة عاشقى الفن التشكيلي في المجتمع والجمهور بالزيارة والفرجة فقد حان الآن وقت الاقتناء.. دعوة للفنان بالاحتفاء بنفسه حينما يمنح ترخيصا لزيارة كل بيت عاشق للفن التشكيلي بعد أن أصبح فنه في متناول الجميع.. دعوة لأصحاب الجاليرهات بأن يحذو حذو هذه الخطوة الريادية الكبرى.. غير أنني أتعشم أن تقتصر اللوحات المشاركة على ثلاث فقط ليصبح العدد المشارك أكثر من مائتين فنان ويتحول إلى بينالي للقطع الفنية الصغيرة. الفنان محمد الريس قال: تعد هذه أول مشاركة لي في هذا المعرض، الذي ضم نخبة متميزة من الفنانين السعوديين والعرب أصحاب الأسماء الكبيرة، الذين استطاعوا أن يرسموا معالم الفن التشكيلي في العالم العربي، وأراه خطوة جيدة وطريق للمشاركة في العديد من المعارض في المستقبل. وعلق الفنان أحمد البار بقوله: إنه من أجمل المعارض التى شاركت فيها لهذا العام، وتشرفت كثيرًا بتواجدي بين نجوم ساطعة من الفن التشكيلي السعودي وتواجد أسماء كبيرة ولامعة من الفنانين والفنانات العرب من لهم حضورهم الجميل والراقي والمميز. وقد شاركت بعدد عشرة أعمال صغيرة وجديدة تحمل طابع التجريد اللوني للأشخاص، فجاءت أعمالى معبرة عن ذاتي وما أشعر به تجاه فني ولوني التجريدي فقد استخدمت فيها تقنية الأحبار. ومن جانبه يقول الفنان محمد الخبتي: كسر هذا المعرض حاجز عدم الاقتناء والرغبة في شراء الأعمال من قبل المتذوقين، إضافة إلى عرض أكبر قدر من الأعمال الفنية بمختلف الأساليب والخامات، ولم يأتِ هذا المجهود والمثابرة من فراغ حيث يقف خلفه وبتميز مدير الأتليه هشام قنديل، ولا ننسى الفنان فهد الحجيلان الذي لعب دورًا مهمًا في هذا النجاح، بجانب الفنان والداعم للساحة التشكيلية طه صبان. المنتج المدلل ويشارك الفنان محمد الشهدي بقوله: سيظل الإنسان يستسقي من تضاريس المعاش فسيفساء المسافة العمرية ويصبها في خزانه، الذي يكتمل ملؤه بتمام أيامه الحياتية.. والمكتسب كثير التعداد والتنويع بدأ بالحاجيات الفطرية الإلحاح، التي يكون لنا فيها دور الانتقاء فقط، حيث إن وجودها ضرورة واكتسابها لا إراديا بل إجباريا كشرب الماء مثلا فنحن لم نختر جوهر احتياجاتنا له، ولكن يترك لنا خيار النوعية وآلية شربه وحتى كم الشرب.. ولكن هناك تدريجات متعددة عند تصنيف هذا المكتسب يتذيلها في قائمة احتياجاتنا الأقل إلحاحا هو معرفيتنا بثقافة اقتناء اللوحة.. هذا المنتج المدلل الكمالي السحنة الذي احتُكر الاهتمام به من طرف شريحة (vip) التي تمتلك القدرة على اقتناء اللوحة التي في سعرها تظل المُنَفِّر الأقوى للشخص العادي على اعتبار لائية حوله وقوته.. والحقيقة أن الشعاع الوحيد الذي تسرب في سماء الفن التشكيلي في جدة أو على الأقل الذي أعرفه أنا هو تظاهرة لوحة في كل بيت والتي تؤطرها إدارة صالة أتيليه جدة في حلقتها الثالثة مصرة بمسؤولية على المضي في الرسالة التبليغية التي تنضوي على فكرة تقريب اللوحة من كل شرائح المجتمع.. والمساهمة في تنوير العقل في اتجاه التعامل المباشر مع المنتج الفني المسمى اللوحة التشكيلية. أفضل المواسم وتقول الفنانة علا حجازي: مع ثالث عام لمعرض لوحة في كل بيت يتزايد إقبال الجمهور عليه، ويحرص الفنانون المشاركون على تقديم أفضل ما عندهم، من أعمال تشكيلية، لذلك استمر معرض لوحة في كل بيت في نجاحاته محققا هذا العام أفضل النتائج من معارضه السابقة، فاختيار اللوحات وتنظيم المعرض هذا العام أفضل من العام السابق، لحرص الأتيليه على تقديم واختيار الأعمال والفنانين المتميزين، سعوديين وخليجيين ومصريين وسوريين وغيرهم من الدول العربية، لذا أطمح أن يستمر هذا المعرض وأن لا يتوقف على مدينة جدة بل يتعداها لجميع مدن المملكة.